للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: هو والله خير، فلم يزل يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري بما شرح له صدر عمر، ورأيت الذي رأى. قال زيد بن ثابت: قال أبو بكر: إنك شاب عاقل لا نتهمك قد كنت تكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي فتتبع القرآن. فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليَّ من ذلك، قلت: فكيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال أبو بكر هو والله خير، فلم يزل يراجعني في ذلك أبو بكر وعمر حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدرهما (صدر أبي بكر وعمر)، فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والعسب واللخاف (يعني: الحجارة) وصدور الرجال فوجدت آخر سورة التوبة (براءة) مع خزيمة بن ثابت: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (١٢٩)} (١).

وعَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: مَا نَعْلَمُ حَيًّا مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ أَكْثَرَ شَهِيدًا أَعَزَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْأَنْصَارِ. قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ قُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ وَيَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ وَيَوْمَ الْيَمامَةِ سَبْعُونَ. قَالَ وَكَانَ بِئْرُ مَعُونَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَيَوْمُ الْيَمامَةِ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ (٢).

ففي ذلك دلالة على ضياع كثير من القرآن بسبب قتل القراء.

الرد على الشبهة من وجوه:

الوجه الأول: حَفِظ القرآن كثير غير هؤلاء الذين قتلوا.

الوجه الثاني: ما روي من أنه لم يعلم ولم يكتب ولم يوجد مع أحد بعدهم، فكل هذا من البلاغات، والبلاغات نوع من أنواع الحديث الضعيف المنقطع فلا حجة فيه والعبرة بالموصول.

الوجه الثالث: على فرض صحة البلاغات فالمراد منه الآيات المنسوخة.

وإليك التفصيل


(١) البخاري (٤٦٠٣).
(٢) البخاري (٣٧٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>