قول {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} فتعني تخصيص العبادة لله تعالى وحده، وكذلك في الاستعانة {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} تكون بالله حصرًا {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}[الممتحنة: ٤] كلها مخصوصة لله وحده حصرًا فالتوكل والإنابة والمرجع كله إليه سبحانه {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}[إبراهيم: ١٢] , {قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا}[الملك: ٢٩] تقديم الإيمان على الجار والمجرور هنا؛ لأن الإيمان ليس محصورًا بالله وحده فقط؛ بل علينا الإيمان بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر والقضاء والقدر لذا لم تأت به آمنا، أما في التوكل فجاءت وعليه توكلنا، لا توكلنا عليه؛ لأن التوكل محصور بالله تعالى.
ثم اعلم أن العرب من عادتها أن تختصر الكلام وتتقلل فيه باستخدام أقصر العبارات المعبرة عن المراد. فلو أردت أن تنسق الجملة بشكل آخر لتعطي معنى الاختصاص فكنت ستقول: لا نعبد إلا إياك ولا نستعين إلا بك، فأي التعبيرين أقصر وأبلغ إن كنتم تعقلون؟ ثم إنه لم يقل نستعين بك؛ لأن هناك علة بلاغية أخرى غير التخصيص، فالفعل استعان يتعدى بنفسه وبالباء.
والقاعدة أن الفعل إذا كان يتعدى بنفسه وبغيره؛ فإن الأفصح أن يتعدى بنفسه على قاعدة العرب في أساليبها.