النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهذا مما ترضاه النفوس. ألا ترى أن حروف الهجاء لا ينطق بها إلا من تعلم القراءة. وهذا النبي الأمي - صلى الله عليه وسلم - قد نطق بها. والذي في أول السور أربعة عشر حرفًا منها، وهي كلها ثمانية وعشرون حرفًا إن لم تعد الألف حرفًا برأسه، فالأربعة عشر نصفها، وقد جاءت في تسع وعشرين سورة، وهي عدد الحروف الهجائية إذا عدت فيها الألف. وقد جاءت من الحروف المهموسة العشرة وهي:(فحثه شخص سكت) بنصفها، هي الحاء، والهاء، والصاد، والسين، والكاف.
ومعلوم أن الحروف إما مهموسة - أي يضعف الاعتماد عليها - وهي ما تقدم، وإما مجهورة، وهي ثمانية عشر، نصفها - وهو تسعة - ذكرت في فواتح السور، ويجمعها (لن يقطع أمر).
والحروف الشديدة ثمانية، وهي (أجدت طبقك) أربعة منها في الفواتح، وهي (أقطك) إلى أخر الحروف بأصنافها.
ثم قال: فانظر كيف أتى في هذه الفواتح بنصف الحروف الهجائية، إن لم تعدّ الألف، وجعلها في تسع وعشرين سورة عدد الحروف، وفيها الألف؟ وكَيف أتى بنصف المهموسة، ونصف المهجورة. ونصف الشديدة، ونصف الرخوة، ونصف المطبقة، ونصف المنفتحة.
ثم قال: وإني موقن أن المتعلم لو طُلِبَ منه أن يأتي بهذه الحروف منصفة على هذا الوجه ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، فإنه إن راعى نصف الحروف المطبقة، فكيف يراعي الحروف الشديدة؟ وكيف يراعي نصف المجهورة في نفس العدد؟
إن ذلك دلائل على صدق صاحب الدعوة - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الوجه فيه إعجاز للعقول، وحيرة.
فيقال: كيف تنصف الحروف الهجائية، وتنصف أنواعها من مهموسة، وشديدة. . إلخ وهذه الأنواع لم يدرسها أحدٌ في العالم أيام النبوة! ثم لما ظهرت تلك الدراسات، وافقت تلك الحروف بأنصافها!
إن ذلك ليعطي العقول مثلًا من الغرابة الدالة على أن هذا لا يقدر عليه المتعلمون؛