للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (١).

ثانيًا: فإن القرآن نزل بلسان عربي في زمان أفصح العرب فكانوا يعلمون ظواهره وأحكامه أما دقائق باطنه فلا تظهر لهم إلا بعد البحث والنظر وسؤالهم النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل قولهم: وأينا لم يظلم نفسه حينما نزل قوله تعالى {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)} ففسره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشرك واستدل بقوله إن الشرك لظلم عظيم (٢).

ومما تقدم يتبين أن فائدة التفسير هي التذكر والاعتبار ومعرفة هداية الله في العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق وسمي علم التفسير لما فيه من الكشف والتبين (٣).

قلت: وهذا التفسير لا بد له من جهابذة يقومون به شأن سائر العلوم والتخصصات ومن ينكر هذا؟ ! .

ورد عن ابن عباس أنه قال: إن التفسير أربعة: حلال وحرام لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تفسره العرب بألسنتها وتفسير تفسره العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله.

قال الزركشي: وهذا تقسيم صحيح:

١ - فأما الذي تعرفه العرب فهو الذي يرجع فيه إلى لسانهم وذلك شأن اللغة والإعراب فأما اللغة فعلى المفسر معرفة معانيها ومسميات أسمائها ولا يلزم ذلك القارئ ثم إن كان ما تتضمنه ألفاظها يوجب العمل دون العلم كفي فيه خبر الواحد والاثنين والاستشهاد بالبيت والبيتين وإن كان مما يوجب العلم لم يكف ذلك بل لا بد أن يستفيض ذلك اللفظ وتكثر شواهده من الشعر وأما الإعراب فما كان اختلافه محيلا للمعنى وجب على المفسر والقارئ تعلمه ليتوصل المفسر إلى معرفة الحكم وليسلم القارئ من اللحن وإن لم يكن محيلًا للمعنى وجب تعلمه على القارئ ليسلم من اللحن ولا يجب على المفسر


(١) المناهل (٢/ ٨ - ١٠).
(٢) البخاري (٣٢)، ومسلم (١٢٤).
(٣) المناهل (٢/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>