الضمانات لعدالة الحكم عليه وإنقاذه من العقوبة ما أمكن، وبذلك يمتنع الناس - أو معظمهم على الأقل - عن هذه الجرائم لصرامة العقوبة، ولا تنفذ هذه العقوبات عمليًا إلا في النادر، وبذلك يتحقق الأمن العام، وتصان حرمات الأفراد على حد سواء.
٣ - أهم قواعده:
١) أن القصاص لا يُستحق إلا في القتل العمد أو الجرح العمد، أما الخطأ فلا يستحق فيه القصاص؛ قال الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}، وقال تعالى:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}.
٢) أن جرائم الاعتداء على الأشخاص قد جعل الإسلام لإرادة المجني عليه أو أوليائه دورًا أساسيًا في منع وقوع العقاب على الجاني؛ حيث قرر جواز العفو وأنه من حق المجني عليه؛ بل ندبه إلى ذلك وأجزل له الثواب في الآخرة:{فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} فله أن يعفو عنه إلى الدية أو مطلقًا من غير عوض دنيوي؛ قال الله تعالى:{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[البقرة: ٢٣٧].
٣) إن توقيع العقاب وتنفيذه تتولاه السلطة العامة، ولا يتولاه أولياء الدم، وعلى هذا فرجال الشرطة لا يتعبهم أمر القصاص - ليس كما قال المعترض - لأنهم من السلطة العامة؛ لأن ما نص الإِسلام عليه هو أن توقيع القصاص تتولاه السلطة العامة ولا يتولاه أولياء الدم ولا المُتعدَى عليهم.
٤) وهنا قد يرد استشكال: قد يقول قائل: كيف تقولون إن الإسلام دين الرحمة وفيه شريعة القصاص، أهذا من الرحمة؟
نقول مستعينين بالله: الرحمة ليست حنانًا لا عقل معه، وليست شفقةً تتنكر للعدل والنظام، كلا؛ بل إنها خُلُق يرعى الحقوق كلَّها، قد تأخذ الرحمةُ صورةَ الحزم حين يُؤْخَذُ الصغيرُ إلى المدرسة من أجل التربية وطلب العلم، فيُلزم بذلك إلزامًا، ويُكَفُّ عن اللعب كفًا، ولو تركوه وما أراد لم يحسنوا صنعًا، ولم يبنوا مجدًّا.