للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: هَيَا يَا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَي، حَتَّى قَالَ: فَانْتَفَضَتْ إِلَيْهِ الْمَجَالِسُ، وَجَاءُوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمَا، قَالَ: حَدِّثْ قَوْمَكَ بِمَا حَدَّثَتْنِي، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنِّي أُسْرِي بِي اللَّيْلَةَ" قَالُوا: إِلَى أَيْنَ؟ قُلْتُ: "إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ" قَالُوا: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا؟ قَالَ: "نَعَمْ" قَالَ: فَمِنْ بَيْنِ مُصَفِّقٍ، وَمِنْ بَيْنِ وَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مُتَعَجِّبًا لِلْكَذِبِ - زَعَمَ - قَالُوا: وَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ لَنَا الْمَسْجِدَ؟ وَفِي الْقَوْمِ مَنْ قَدْ سَافَرَ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ وَرَأَى المسْجِدَ. فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فَذَهَبْتُ أَنْعَتُ، فَمَا زِلْتُ أَنْعَتُ حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ النَّعْتِ، - قَالَ - فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ وَأَنَا أَنْظُرُ حَتَّى وُضِعَ دُونَ دَارِ عِقَالٍ أَوْ عَقِيلٍ فَنَعَتُّهُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ" قَالَ: وَكَانَ مَعَ هَذَا نَعْتٌ لَمْ أَحْفَظْهُ، قَالَ: فَقَالَ الْقَوْمُ: أَمَّا النَّعْتُ فَوَالله لَقَدْ أَصَابَ" (١).

تدبر، كيف ألقى الله على لسان أبي جهل سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن جاء وجلس إلى جوار النبي - صلى الله عليه وسلم - دون أن يناديه أو يطلب منه فيقول: (هل من شيء؟ ) يقولها كالمستهزيء، لكن الله يجعل كيده في نحره فيستعمله في نداء القوم، هو يظن أنه ينادي للقضاء على الدِّين، والله يقدِّر ذلك لينعت النبي - صلى الله عليه وسلم - بيت المقدس أمام القوم وهم يعلمون أنه ما سبق له زيارته، فتقام الحجة ويقع التصديق في القلوب، فيقترب كثير منهم للإسلام والإذعان بصدق نبوة النبي العدنان - صلى الله عليه وسلم -.

* * *


(١) أخرجه أحمد (٦/ ٣٩٩)، وابن أبي شيبة في مصنفه (٧/ ٤٢٣)، والنسائي في الكبرى (٦/ ٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>