تكذبيني، فأرسل إليها فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأُخذ فقال: ادعي الله لي ولا أضرك فدعت الله فأطلق، ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد فقال: ادعى الله لي ولا أضرك فدعت فأطلق فدعا بعض حجبته فقال: إنكم لم تأتوني بإنسان وإنما أتيتموني بشيطان فأخدمها هاجر، فأتته وهو قائم يصلي فأومأ بيده مهيم؟ فقالت: رد الله كيد الكافر - أو الفاجر - في نحره وأخدم هاجر.
قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: فتلك أمكم يا بني ماء السماء (١).
ثالثًا: ولما أمره الله تعالى بالهجرة بزوجته هاجر وولدها إسماعيل، استسلم لأمر الله تعالى ووضعهما في أرض مكة ولم يكن بها إذ ذاك حياة ولا أنيس ولا ونيس.
عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: أو لما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل اتخذت منطقًا لتعفى أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء. فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم قفى إبراهيم منطلقًا فتبعته أم إسماعيل فقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنيس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارًا وجعل لا يلتفت إليها فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذن لا يضيعنا ثم رجعت، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧)} [إبراهيم: ٣٧].
وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى - أو قال يتلبط - فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي