للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن البراء بن عازب - رضي الله عنه -: لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة في صلح الحديبيةَ تَبِعَتْهُم ابْنَةُ حَمْزَةَ تُنَادِي يَا عَمِّ! يَا عَمِّ! ، فتنَاوَلَهَا عَليٌّ فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَقَالَ لِفَاطِمَةَ - عليها السلام -: "دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ احْمِلِيهَا. فَاخْتَصَمَ فِيهَا عِليٌّ، وَزَيْدٌ، وَجَعْفَرٌ، قَالَ عِليٌّ: أَلا أَخَذْتُهَا وَهِيَ بِنْتُ عَمِّي، وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي، وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ لِخَالَتِهَا؛ وَقَالَ: "الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ، وَقَالَ لِعَليٍّ: أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي، وَقَالَ لِزَيْدٍ: أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا" (١).

قال ابن حجر: قَوْله: (وَخَالَتُهَا تَحْتِيّ) أَيْ: زَوْجَتِي، وَقَالَ: الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ، أَيْ فِي هَذَا الْحُكْمِ الْخَاصِّ؛ لِأَنَّهَا تَقْرُبُ مِنْهَا فِي الْحُنُوِّ وَالشَّفَقَةِ وَالِاهْتِدَاءِ إِلَى مَا يُصْلِحُ الْوَلَدَ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاق، وهي بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ لَا أَنَّهَا أُمٌّ حَقِيقِيَّةٌ (٢).

وعن قتادة قال: كانت مريم ابنة سيدهم وإمامهم. قال: فتشاحَّ عليها أحبارُهم، فاقترعوا فيها بسهامهم أيُّهم يكفلها. قال قتادة: وكان زكريا زوجَ أختها فكفلها، وكانت عنده وَحضَنَها (٣).

وعن ابن مسعود، وابن عباس رضي الله عنهما، وناس من الصحابة: أن الذين كانوا يكتبون التوراة إذا جاؤا إليهم بإنسان يجبرونه اقترعوا عليه أيهم يأخذه فيعلمه، وكان زكريا أفضلهم يومئذ وكان نبيهم، وكانت أخت مريم تحته، فلما أتوا بها قال لهم زكريا: أنا أحقكم بها تحتي أختها فأبوا، فخرجوا إلى نهر الأردن فألقوا أقلامهم التي يكتبون بها أيهم يقوم قلمه فيكفلها، فجرت الأقلام وقام قلم زكريا على قرنته كأنه في طين فأخذ الجارية (٤).

قوله: (خالتها) يعني زوجته (إيشاع) أخت حنة، لكن تقدم أنها أخت مريم، وقال - صلى الله عليه وسلم -


(١) البخاري (٢٦٩٩) مطولًا، مسلم (١٧٨٣).
(٢) فتح الباري (٧/ ٥٧٩).
(٣) رواه الطبري (٣/ ٢٤٣) وفيه أبو جعفر الرازي التميمي؛ قال ابن حجر: صدوق سيء الحفظ (تقريب التهذيب ٢/ ٧٠٦).
(٤) رواه البيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٢٨٦)، وابن جرير (٣/ ٢٤٣)، والدر المنثور (٢/ ١٨٥)، وابن أبي حاتم (٢/ ٦٣٩) وفيه أبو صالح بازان: ضعيف يرسل من الثالثة (تقريب التهذيب ١/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>