قال الشيخ محمد رشيد رضا: قوله تعالى {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ليس له أجزاء ولا أقانيم، ولا هو مركب ولا متحد بشيء من المخلوقات {سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ} أي: تنزه وتقدس عن أن يكون له ولد كما تقولون في المسيح أنه ابنه، وأنه هو عينه؛ فإنه تبارك وتعالى ليس له جنس فيكون له منه زوج يقترن بها فتلد له ابنًا، والنكتة في اختيار لفظ الولد في الرد عليهم على لفظ الابن الذي يعبرون به هي بيان أنهم إذا كانوا يريدون الابن الحقيقي الذي يفهم من هذا اللفظ فلا بد أن يكون ولدًا؛ أي: مولود من تلقيح أبيه لأمه، وهذا محال على الله تعالى، وإن أرادوا أنه ابن مجازًا لا حقيقة كما أطلق في كتب العهد العتيق والعهد الجديد على إسرائيل وداود وعلى صانعي السلام وغيرهم من الأخيار، فلا يكون له دخل في الألوهية، ولا يعد من باب الخصوصية.
{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} أي: ليس له ولد خاص مولود منه، يصح أن يسمى ابنه حقيقة؛ بل له كل ما في السموات والأرض - المسيح من جملتها - خلق كل ذلك خلقًا، وكل ذي عقل منها وإدراك يفتخر بأن يكون له عبدًا، {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣)} لا فرق في هذا بين الملائكة المقربين والنبيين الصالحين، كما صرحت به الآية التالية لهذه، ولا بين من خلقه ابتداءً من غير أب ولا أم كالملائكة وآدم، ومن خلق من أصل واحد كحواء وعيسى، ومن خلق من الزوجين الذكر والأنثى كلهم بالنسبة إليه - تعالى - سواء، عبيد له من خلقه محتاجون دائمًا إلى فضله، وهو يتصرف فيهم كما يشاء.
{وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} أي: به الكفاية لمن عرفه، وعرف سننه في خلقه إذا وكلوا إليه