للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لكل نبي حواري وحواريِّ الزبير" (١)، ومعلوم أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم جاءوا بمعرفة الله تعالى، وما يجب له وما يجوز، وما يستحيل عليه، وأن يبلغوا ذلك أممهم، فكيف يخفى ذلك على من باطنهم واختص بهم حتى يجهلوا قدرة الله - تعالى -؟ . (٢)

قيل: إن الاستطاعة بمعنى الإطاعة، والمعنى: هل يطيعك ويجيب دعاءك ربك إذا سألته ذلك؟ . (٣)

قال الشيخ محمد رشيد رضا: إن الاستطاعة هنا بمعنى الطاعة، والمعنى: هل يطيعك ويجيب دعاءك ربك إذا سألته ذلك؟ وربما ظن الأكثرون أن هذا الوجه الأخير تكلف بعيد وليس كذلك؛ فالاستطاعة استفعال من الطوع وهو ضد الكره. قال تعالى: {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} [فصلت: ١١].

وفي لسان العرب: الطوع نقيض الكره. طاعه ويطوعه وطاوعه والاسم الطواعة والطواعين.

ثم قال: ويقال: طعت له وأنا أطيع طاعة ولتفعلنه طوعًا أو كرهًا، وطائعًا أو كارهًا وجاء فلان طائعًا غير مكره.

قال ابن سيده: طاع يطاع وأطاع لان وانقاد وأطاعه إطاعة وانطاع له كذلك، فيفهم من هذا أن إطاعة الأمر فعله عن اختيار ورضا، ولذلك عبر به عن امتثال أوامر الدين؛ لأنها لا تكون دينًا إلا إذا كانت عن إذعان ووازع نفسي، والذي أفهمه أن الاستفعال في هذه كالاستفعال في مادة الإجابة فإذا كان (استجاب له) بمعنى أجاب دعاءه أو سؤاله فمعنى استطاعه أطاعه أي: انقاد له وصار في طوعه أو طوعًا له.

والسين والتاء في المادتين على أشهر معانيها وهو الطلب، ولكنه طلب دخل على فعل محذوف دل عليه المذكور المترتب على المحذوف فأصل استطاع الشيء: طلب وحاول أن


(١) أخرجه مسلم (٢٤١٥).
(٢) تفسير القرطبي (٦/ ٣٤٢).
(٣) تفسير الطبري (٧/ ١٢٩)، وانظر وجوه القراءات وعللها لابن أبي مريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>