للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ، قَالَ: قَالَا: لَا؛ فَقَالَ عُمَرُ لَئِنْ سَلَّمَنِي الله لأَدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لَا يَحْتَجْنَ إِلَى رَجُلٍ بَعْدِى أَبَدًا. قَالَ: فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا رَابِعَةٌ حَتَّى أُصِيبَ. قَالَ: إِنِّي لَقَائِمٌ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا عَبْدُ الله بْنُ عَبَّاسٍ غَدَاةَ أُصِيبَ، وَكَانَ إِذَا مَرَّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَالَ اسْتَوُوا، حَتَّى إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِنَّ خَلَلًا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، وَرُبَّمَا قَرَأَ سُورَةَ يُوسُفَ، أَوِ النَّحْلَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، في الرَّكْعَةِ الأُولَى حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ كَبَّرَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَتَلَنِي - أَوْ أَكَلَنِي - الْكَلْبُ. حِينَ طَعَنَهُ، فَطَارَ الْعِلْجُ بِسِكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ لَا يَمُرُّ عَلَى أَحَدٍ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا إِلَّا طَعَنَهُ حَتَّى طَعَنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، مَاتَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ. . . . . الحديث" (١).

ب - وعثمان - رضي الله عنه - الذي له من الفضائل الكثيرة، ومن الخير الوافر الكبير، ولما كان يوم مقتله بعد ما حاصره السبئيون، وأراد الصحابة أن يدافعوا عن أميرهم عثمان بن عفان، فأبى إخمادًا للفتنة، وتضحية بنفسه، فقد قال: عزمت على أحد كانت لي عليه طاعة الا يقاتل، فاستسلم الصحابة لكلام أميرهم وطاعة خليفتهم، فدخل عليه من أرادوا قتله؛ فقام عليه الأفاكون الآثمون وقتلوه، فسقطت قطرة من دمه على المصحف على قوله: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ}، فكان بعد ذلك أن بعث الله على قتلة عثمان من قتلهم جميعًا، ولعل الآية تشير إلى هذا الانتقام (٢).

فسبحان الله العلي القدير الذي أمر بالصبر عند البلاء وعند الفتنة، فنادى أهل الإيمان قائلًا {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠)} [آل عمران: ٢٠٠]، وبيَّن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك فقال عن حال المؤمن: "عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خير له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خير له. . ." (٣).


(١) البخاري (٣٧٠٠).
(٢) انظر البداية والنهاية لابن كثير (٧/ ١٨٠ - ١٩٠)، والعواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي من (١٤٠ - ١٥٠).
(٣) رواه مسلم (٢٩٩٩) من حديث صهيب - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>