للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشنقيطي: المراد بقوله: {يَسْتَغْفِرُونَ} استغفار المؤمنين المستضعفين بمكة، وعليه فالمعنى: أنه بعد خروجه - صلى الله عليه وسلم -، كان استغفار المؤمنين سببًا لرفع العذاب الدنيوي عن الكفار المستعجلين للعذاب بقوله: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: ٣٢].

وعلى هذا القول فقد أسند الاستغفار إلى مجموع أهل مكة الصادق بخصوص المؤمنين منهم، ونظير الآية علي قوله تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ} مع أن العاقر واحد منهم بدليل قوله تعالى: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (٢٩) وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [نوح: ١٥، ١٦] أي: جعل القمر في مجموعهن الصادق بخصوص السماء التي فيها القمر؛ لأنه لم يجعل في كل سماء قمرًا، وقوله تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام: ١٣٠] أي: من مجموعكم الصادق بخصوص الإنس على الأصح إذا ليس من الجن رسل.

وأما تمثيل كثير من العلماء لإطلاق المجموع مرادًا بعضه بقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: ٢٢] زاعمين أن قوله {مِنْهُمَا} أي من مجموعهما الصادق بخصوص البحر الملح؛ لأن العذب لا يخرج منه لؤلؤ ولا مرجان، فهو قول باطل بنص القرآن العظيم.

فقد صرح تعالى باستخراج اللؤلؤ والمرجان من البحرين كليهما حيث قال: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} [فاطر: ١٢].

فقوله: {وَمِنْ كُلٍّ} ونص صريح في إرادة العذب والملح معًا، وقوله: {حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} هي اللؤلؤ والمرجان، وعلى هذا القول، فالعذاب الدنيوي يدفعه الله عنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>