قال ابن عاشور: فقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} كناية عن استحقاقهم، وإعلام بكرامة رسوله - صلى الله عليه وسلم - عنده؛ لأنه جعل وجوده بين ظهراني المشركين، مع استحقاقهم العقاب سببًا في تأخير العذاب عنهم، وهذه مكرمة أكرم الله بها نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، فجعل وجوده في مكان مانعًا من نزول العذاب على أهله، فهذه الآية إخبار عما قدره الله فيما مضى.
ثم قال: وفي توجيه الخطاب بهذا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، واجتلاب ضمير خطابه بقوله:{وَأَنْتَ فِيهِمْ} لطيفة من التكرم؛ إذ لم يقل: وما كان الله ليعذبهم وفيهم رسوله. (١)
وقولهم: إن الأنبياء لم يحاولوا أن يجدوا أعذارًا للكفار من قومهم، كلام خطأ، حيث كان النبي يدعو قومه ولا ييأس معهم، وهم معرضون حتى يأمر الله بهلاكهم، والنبي ينذرهم وهم معرضون، والأمثلة على ذلك بدليل واضح من القرآن، وأيضًا من الكتاب المقدس.