للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: لعل السبب فيه أنه لو ذكر هذا الاستثناء لاعتقد فيه الملك أنه إنما ذكره لعلمه بأنه لا قدرة له على ضبط هذه المصلحة كما ينبغي فلأجل هذا المعنى ترك الاستثناء (١).

فجاز له أن يتوصل إليه بأي طريق كان، إنما قلنا: إن ذلك التصرف كان واجبًا عليه لوجوه:

الأول: أنه كان رسولًا حقًّا من الله تعالى إلى الخلق، والرسول يجب عليه رعاية مصالح الأمة بقدر الإمكان.

والثاني: وهو أنه - عليه السلام - علم بالوحي أنه سيحصل القحط، والضيق الشديد الذي ربما أفضى إلى هلاك الخلق العظيم، فلعله تعالى أمره بأن يدبر في ذلك، ويأتي بطريق لأجله يقل ضرر ذلك القحط في حق الخلق.

والثالث: أن السعي في إيصال النفع إلى المستحقين، ودفع الضرر عنهم أمر مستحسن في العقول.

وإذا ثبت هذا فنقول: إنه - عليه السلام - كان مكلفًا برعاية مصالح الخلق من هذه الوجوه، وما كان يمكنه رعايتها إلا بهذا الطريق، وما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب، فكان هذا الطريق واجبًا عليه ولما كان واجبًا سقطت الأسئلة بالكلية (٢).

* * *


(١) التفسير الكبير (٩/ ٦٣)، واللباب (٦/ ٢٤٢).
(٢) اللباب (٦/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>