للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنبياء وقدحًا فيهم، وكل من نقله من المسلمين فعنهم نقله، لم ينقل من ذلك أحدٌ عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - حرفًا واحدًا (١).

وقال ابن حزم: وقال بعض المتأخرين: إنه قعد منها مقعد الرجل من المرأة، ومعاذ الله أن يظن هذا برجل من صالحي السلمين أو مستوريهم! فكيف برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فإن قيل: إن هذا قد روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - من طرق جيدة الإسناد؟ قلنا: نعم، ولا حجة في قول أحد إلا فيما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقط، والوهم في تلك الرواية إنما هي بلا شك عمن دون ابن عباس، أو لعل ابن عباس لم يقطع بذلك؛ إذ إنما أخذه عمن لا يدري من هو ولا شك في أنه شيء سمعه فذكره لأنه - رضي الله عنه - لم يحضر ذلك، ولا ذكره عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومحال أن يقطع ابن عباس بما لا علم له به (٢).

وقال الشنقيطي: وهذه الأقوال التي رأيت نسبتها إلى هؤلاء العلماء منقسمة إلى قسمين:

- قسم لم يثبت نقله عنه بسند صحيح، وهذا لا إشكال في سقوطه.

- وقسم ثبت عن بعض من ذكر، ومن ثبت عنه منهم شيء من ذلك.

فالظاهر الغالب على الظن المزاحم لليقين أنه إنما تلقاه عن الإسرائيليات؛ لأنه لا مجال للرأي فيه، ولم يُرفع منه قليلٌ ولا كثيرٌ إليه - صلى الله عليه وسلم -، وبهذا تعلم أنه لا ينبغي التجرؤ على القول في نبي الله يوسف بأنه جلس بين رجلي كافرة أجنبية، يريد أن يزني بها، اعتمادًا على مثل هذه الروايات، مع أن في الروايات المذكورة ما تلوح عليه لوائح الكذب كقصة الكف التي خرجت له أربع مرات، وفي ثلاث منهن لا يبالي بها؛ لأن ذلك على فرض صحته فيه أكبر زاجر لعوام الفساق فما ظنك بخيار الأنبياء! (٣).

وقال ابن الجوزي: ولا يصح مما يروى عن المفسرين أنه حل السراويل وقعد منها مقعد


(١) مجموع الفتاوى (١٠/ ٢٩٧).
(٢) الفصل في الملل والنحل لابن حزم (٤/ ١٠).
(٣) أضواء البيان للشنقيطي (٣/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>