للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخر: كثرة الإحالة في الأخبار وإذا كثرت الإحالة كان أمكن للوهم وضعف من يقبل عنه. اهـ (١)

ثم إن السقوط من السند قد يكون واضحا يشترك في معرفته كثيرون من أهل الفن ولا يخفى عليهم وذلك في مثل ما إذا كان الراوي لم يعاصر من روى عنه وقد يكون خفيًا لا يدركه إلا الأئمة الحذاق المطلعون على طرق الأحاديث وعلل الأسانيد والأول يدرك بمعرفة التاريخ لتضمنه التعريف بأوقات مواليد الرواة ووفياتهم وطلبهم وارتحالهم وغير ذلك.

وقد ادعى أناس الرواية عن شيوخ أظهر التاريخ كذب دعواهم فيها ولذا عني المحدثون بالتاريخ كثيرًا.

ويقال للإسناد الذي يكون السقوط فيه واضحًا المرسل الجلي وللإسناد الذي يكون السقوط فيه خفيا المدلس بالفتح إن كان الإسقاط صادرًا ممن عرف لقاؤه لمن روى عنه والمرسل الخفي إن كان الإسقاط صادرًا ممن عرف معاصرته له ولم يعرف إنه لقيه وهذا على قول من فرق بينهما وجعلهما متباينين وأما من جعل المرسل الخفي داخلًا في المدلس فإنه يعرف المدلس بأنه هو الإسناد الذي يكون السقوط فيه خفيًا. (٢)

وقال النووي: مذهب الشافعي والمحققين أن الحديث المرسل إذا روى من جهة أخرى متصلًا احتج به وكان صحيحًا وتبينا برواية الاتصال صحة رواية الإرسال ويكونان صحيحين. (٣)

وقال النووي: الحديث المرسل لا يحتج به عندنا وعند جمهور المحدثين وجماعة من الفقهاء وجماهير أصحاب الأصول والنظر وحكاه الحاكم أبو عبد الله بن البيع عن سعيد بن المسيب ومالك وجماعة أهل الحديث وفقهاء الحجاز: وقال أبو حنيفة ومالك في المشهور عنه وأحمد وكثيرون من الفقهاء أو أكثرهم يحتج به ونقله الغزالي عن الجماهير: وقال أبو عمر بن عبد البر وغيره ولا خلاف انه لا يجوز العمل به إذا كان مرسله غير متحرز يرسل عن غير الثقات.


(١) الرسالة (٤٦١).
(٢) توجيه النظر إلى أصول الأثر لطاهر الجزائري (٢/ ٥٥٨ - ٥٦٧).
(٣) شرح مسلم للنووي (١٨/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>