للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى: إنما أمرت أن أخص الله بالعبادة وحده لا شريك له. (١)

وإضافة الربوبية إلى البلدة على سبيل التشريف لها والاعتناء بها. (٢)

والإشارة إلى البيت في هذا النظم تفيد التعظيم فإنه سبحانه تارة أضاف العبد إلى نفسه فيقول: (يا عبادي) [العنكبوت: ٥٦] وتارة يضيف نفسه إلى العبد فيقول: (وإلهكم) [البقرة: ١٦٣]، كذا في البيت (تارة) يضيف نفسه إلى البيت وهو قوله: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ}، وتارة يضيف البيت إلى نفسه فيقول: {طَهِّرَا بَيْتِيَ} [البقرة: ١٢٥]. (٣)

٣ - عن قتيلة امرأة من جهينة: (أن يهوديًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنكم تشركون: تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت). (٤)

فيه النهي عن الحلف بالكعبة، مع أنها بيت الله التي حجها وقصدها بالحج والعمرة.

وهذا يبين أن النهي عن الشرك بالله عام لا يصلح منه شيء لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا للكعبة التي هي بيت الله في أرضه.

فعَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ دَخَلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ كَانَ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) (جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ). (٥)

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَّا رَأَى الصُّوَرَ في الْبَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ، حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - بِأَيْدِيهِمَا الأَزْلَامُ فَقَالَ "قَاتَلَهُمُ الله، وَالله إِنِ اسْتَقْسَمَا بِالأَزْلَامِ قَطُّ". (٦)


(١) فتح القدير ٤/ ٢٢٣.
(٢) تفسير ابن كثير ٣/ ٥٠٣.
(٣) تفسير الرازي ٣٢/ ١٠٨.
(٤) صحيح. أخرجه النسائي في سننه ٧/ ٦ من طريق مسعر، عن معبد بن خالد، عن عبد الله بن يسار، عن قتيلة به، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٣٦).
(٥) أخرجه البخاري (٢٤٧٨)، مسلم (١٧٨١).
(٦) أخرجه البخاري (٣٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>