للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَشْعُرُونَ (١٨) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} [النمل: ١٦ - ١٩].

قوله: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} أي: ورثه في العلم والملك الذي خص الله به داود على سائر قومه (١).

وهو إرث علم ونبوة، ودعوة إلى الله والقيام بدينه، لا إرث مال، ويدل لذلك ما جاء من الأدلة على أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لا يورث عنهم المال، وإنما يورث عنهم العلم، فمن ذلك حديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" (٢).

وعنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" (٣).

فهذه الأحاديث وأمثالها ظاهرة في أن الأنبياء لا يورث عنهم المال، بل العلم والدين (٤)، وقوله تعالى: {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} يعني: فهمنا كلامها، وجعل ذلك من الطير كمنطق الرجل من بني آدم إذ فهمه عنها (٥).

قوله تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} أي: وجمع لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطير في مسير لهم، {فَهُمْ يُوزَعُونَ} أي: يرد أولهم على آخرهم (٦).

وقوله تعالى: {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} فقولها: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} التفاتة مؤمن؛ أي: من عدل سليمان وفضله وفضل جنوده لا يحطمون نمله فما فوقها إلا


(١) تفسير الطبري (١٩/ ١٤١).
(٢) أخرجه البخاري (١٢/ ٧).
(٣) أخرجه البخاري (١٢/ ٧).
(٤) أضواء البيان (٤/ ٢٢٦).
(٥) تفسير الطبري (١٩/ ١٤١).
(٦) تفسير الطبري (١٩/ ١٤٢: ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>