قوله:{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ} دلَّ هذا على كمال عزمه وحزمه وحسن تنظيمه لجنوده وتدبيره بنفسه للأمور الصغار والكبار، حتى إنه لم يهمل هذا الأمر وهو تفقد الطيور، والنظر هل هي موجودة كلها أم مفقود منها شيء؟ وهذا هو المعنى للآية.
ولم يصنع شيئًا من قال: إنه تفقد الطير لينظر أين الهدهد منها؟ ليدله على بعد الماء وقربه، كما زعموا عن الهدهد أنه يبصر الماء تحت الأرض الكثيفة، فإن هذا القول لا يدل عليه دليل، بل الدليل العقلي واللفظي دال على بطلانه، أما العقلي فإنه قد عرف بالعادة والتجارب والمشاهدات أن هذه الحيوانات كلها ليس منها شيء يبصر هذا البصر الخارق للعادة، ينظر الماء تحت الأرض الكثيفة؛ ولو كان كذلك لذكره الله؛ لأنه من أكبر الآيات.
وأما الدليل اللفظي فلو أُريد هذا المعنى لقال - في غير القرآن -: وطلب الهدهد لينظر له الماء. فلما فقده قال ما قال، ولم يَقُلْ: فتش عن الهدهد، أو: بحث عنه، ونحو ذلك من العبارات، وإنما تفقد الطير لينظر الحاضر منها والغائب ولزومها للمراكز والمواضع التي عينها لها، وأيضًا فإن سليمان - عليه السلام - لا يحتاج ولا يضطر إلى الماء بحيث يحتاج لهندسة الهدهد،