للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنقول: أولًا إن الأمر للتشريف لا للإهانة، فعندما يأمرهن الله - عز وجل - وينهاهن عن أشياء فهذا تشريف لهن ورفعة لمكانتهن، ثم إنه مَنْ قال: إن الله لم يخاطب النساء قبل ذلك بمثل هذه الأشياء؟ أليس قد قال لمريم: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: ٤٣]، أليس قد ذم امرأة نوح وامرأة لوط لعدم استجابتهما لشرع الله فقال: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} [التحريم: ١٠].

فانظر لصنيع سودة - رضي الله عنها - وابتغائها رضا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإيثاره على نفسها وعلى ما فيه سعادتها. وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: في (حديث الإفك): "من يعذرنا في رجل بلغني أذاه في أهل بيتي، فوالله ما علمت من أهل بيتي إلا خيرًا" (١).

وبعدُ، فأي امرأة في الكتاب المقدس تشرفت بهذا الذكر بما تشرفت به نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونساء المؤمنين عامةً، ولكنك حينما تنظر في هذا الكتاب - المحرف - تجد فيه إهانةً للمرأة، وإذلالًا، واحتقارًا، وغير ذلك للأهمية (٢).

انظر كيف كان عيسى يخاطب أمه في أكثر كلامه، كان يقول لأمه: (يا امرأة)، كما في إنجيل يوحنا (٢/ ٥: ٣): (وَلمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ، قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ. ٤ قَالَ لَهَا يَسُوعُ: مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ. ٥ قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ).

* * * *


(١) أخرجه البخاري (٢٦٣٧).
(٢) راجع (شبهات حول المرأة) في هذه الموسوعة، وما ذُكِرَ عن المرأة في الكتاب المقدس.

<<  <  ج: ص:  >  >>