للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ} [العنكبوت: ٣٨]، وعبر بالرجفة في قوله تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} [الأعراف: ٧٧، ٧٨]، وعبر عنه بالتدمير في سورة النمل في قوله تعالى: {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ} [النمل: ٥١].

وعبر عنه بالطاغية في قوله تعالى: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ} وعبر عنه بالدمدمة في قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا} [الشمس: ١٤].

وعبر عنه بالعذاب في قوله تعالى: {فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ} [الشعراء: ١٥٧, ١٥٨].

ومعنى هذه العبارات كلها راجع إلى شيء واحد، وهو أن الله أرسل عليهم صيحة أهلكتهم، والصيحة الصوت المزعج المهلك وعلى النار المحرقة، وعليهما معًا، ولشدة عظم الصيحة وهولها من فوقهم رجفت أنها صيحة وصاعقة ورجفة، وكون ذلك تدميرًا واضحًا، وقيل لها طاغية: لأنها واقعة مجاوزة الحد.

ومنه قوله تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ} ي جاوز الحدود التي يبلغها الماء عادة. (١)

ملخص ما سبق:

{فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥)} أي فأما ثمود فأهلكهم الله بصيحة جاوزت الحد في الشدة كما جاء في سورة هود: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} وهي الصاعقة التي جاءت في حم السجدة، والرجفة والزلزلة التي جاءت في سورة الأعراف، فلا تعارض بين الآيات، لأن الهلاك في بعضها نسب إلى السبب القريب، وفي بعضها نسب إلى السبب البعيد. (٢)

* * *


(١) أضواء البيان للشنقيطي (٧/ ٢٢).
(٢) تفسير المراغي (٢٩/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>