للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإجماع فقد أجمع المسلمون على أن الصوم ركن من أركان الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة بحيث يكفر منكره، وأنه لا يسقط على المكلف إلا بعذر من الأعذار الشرعية المعتبرة (١).

وعلى هذا فقد أصبح الفرض هو شهر رمضان، وأما غيره من الأيام فهو من المستحبات. والصوم كان مفروضًا على من قبلنا كما قال سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ. . .} [البقرة: ١٨٣].

كما قال قتادة في تفسيرها: كتب شهرُ رمضان على الناس، كما كُتب على الذين من قبلهم. قال: وقد كتب الله على الناس قبل أن ينزل رمضانُ صَوْمَ ثلاثة أيام من كل شهر (٢).

هذا وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم يوم عاشوراء؛ فلما ذهب إلى المدينة فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: "مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى الله بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ" (٣).

فلما فرض رمضان ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمر في صيام عاشوراء ولم يأمر الصحابة بذلك وبقي الأمر على الاستحباب (٤).

وكان معروفًا في زمن داود - عليه السلام -: حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: "أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى الله صِيَامُ دَاوُدَ كانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا" (٥).

والصوم كان معروفًا قبل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ليضع له المعالم ويضبطه بالضوابط وهكذا كما هو معلوم في كتب السنة.

وأما اليهود والنصارى فحرفوا وبدلوا وجعلوه أعيادًا حسب ما يراه الأحبار والرهبان وقد ينقلونه إلي أيام أخر إذا تعارض مع المصلحة ويزيدون وينقصون كذلك.


(١) المغني (٣/ ٣)، والمجموع (٦/ ٢٥٢).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٧٨) من طريق معمر عن قتادة بإسناد صحيح، والطبري (٢/ ١٣٠) من طريق سعيد عن قتادة.
(٣) أخرجه البخاري (٤٧٣٧)، ومسلم (١١٣٠).
(٤) أخرجه البخاري (٢٠٠٢)، ومسلم (١١٢٥).
(٥) أخرجه البخاري (١٩٧٦)، ومسلم (١١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>