للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الآية نص عَلَى أَنَّ الله تَعَالَى لَا يُكَلِّفُ أَحَدًا مَا لَا يَقْدِرُ عليهِ وَلَا يُطِيقُهُ، وَلَوْ كَلَّفَ أَحَدًا مَا لَا يَقدِرُ عليهِ وَلَا يَسْتَطِيعُهُ لَكَانَ مُكَلِّفًا لَهُ مَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِ (١).

وقال الله - عَزَّ وَجَلَّ - أيضًا: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨]، وقال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: ٧]، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]، وكثير من الآياتِ التي تدل على يسر الشريعة الاسلامية ونفي الحرج عن المؤمنين ونفي التكليف بما لا يطاق، وقد وردت أيضًا أحاديث كثيرة في سنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - تبين هذا الأمر العظيم من أمور الدين الإسلامي منها: عن ابن عباس في قوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} قال: هم المؤمنون وسع الله عليهم أمر دينهم فقال الله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}، وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. (٢)

ولقد بوب البخاري رحمه الله في كتابه الصحيح بابًا بعنوان: (الدين يسر وقول النبي: أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة)، وأخرج عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ" (٣)

وقد وردت السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن من لم يستطع الصلاة قائمًا فغير مكلف للقيام بها وهذا من يسر الشريعة الإسلامية، فعن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضي الله عنه - قَالَ: (كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ: "صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ". (٤)

هكذا تتجلى الشريعة الإسلامية في يسرها وسماحتها ورفع الحرج عن المكلفين.


(١) أحكام القرآن للجصاص (١/ ٥٣٧).
(٢) تفسير ابن أبي حاتم (٣٠٨٠)، وتفسير الطبري (٦/ ١٣٠).
(٣) أخرجه البخاري (٣٩).
(٤) أخرجه البخاري (١١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>