للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت باطلًا، أو مشكوكًا فيها؛ وجب اطراحها، وأن لا يلتفت إليها، وهذا انسلاخ من الإسلام بالكلية، وإن كانت حقًّا؛ فيجب الشهادة بها على البت أنها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان الشاهد بذلك شاهدًا بالحق، وهو يعلم صحة المشهود به. (١)

١٠ - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (الأنفال: ٢٤) ووجه الاستدلال أن هذا أمر لكل مؤمن بلغته دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى يوم القيامة، ودعوته نوعان: مواجهة، ونوع بواسطة المبلغ، وهو مأمور بإجابة الدعوتين في الحالتين، وقد علم أن حياته في تلك الدعوة والاستجابة لها، ومن الممتنع أن يأمره الله تعالى بالإجابة لما لا يفيد علمًا، أويحييه بما لا يفيد علمًا، أو يتوعده على ترك الاستجابة لما لا يفيد علمًا بأنه إن لم يفعل؛ عاقبه وحال بينه وبين قلبه.

١١ - قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: ٦٣) وهذا يعم كل مخالف بلغه أمره - صلى الله عليه وسلم - إلى يوم القيامة ولو كان ما بلغه لم يفده علمًا؛ لما كان متعرضًا بمخالفة ما لا يفيد علمًا للفتنة والعذاب الأليم، فإن هذا إنما يكون بعد قيام الحجة القاطعة التي لا يبقى معها لمخالف أمره عذر.

١٢ - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} وإلى قوله: {وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (النساء: ٥٩).

ووجه الاستدلال: أنه أمر أن يرد ما تنازع فيه المسلمون إلى الله ورسوله، والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه، والرد إلى رسوله، هو الرد إليه في حياته وإلى سنته بعد وفاته، فلولا أن المردود إليه يفيد العلم وفصل النزاع؛ لم يكن في الرد إليه فائدة، إذ كيف يرد حكم المتنازع فيه إلى ما لا يفيد علمًا البتة ولا يدري حق هو أم باطل! وهذا برهان قاطع بحمد الله؛ فلهذا


(١) المصدر السابق (٥٤٥ - ٥٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>