للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - أن كتابة السنة كان لها ضوابط تقبل على أساسها الصحف المكتوبة.

٧ - أن جمع السنة اعتمد على الرواية الشفوية، والصحف المكتوبة.

قال الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤)} (الجمعة: ٢ - ٤).

قال ابن كثير: وذلك أن العرب كانوا قديمًا متمسكين بدين إبراهيم الخليل عليه السلام فبدلوه وغيروه، وقلبوه وخالفوه، واستبدلوا بالتوحيد شركًا وباليقين شكًا، وابتدعوا أشياء لم يأذن بها الله، وكذلك أهل الكتابين قد بدلوا كتبهم وحرَّفوها، وغيَّروها وأوَّلوها، فبعث الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بشرع عظيم كامل شامل لجميع الخلق، فيه هدايتهم، والبيان لجميع ما يحتاجون إليه من أمر معاشهم ومعادهم، والدعوة لهم إلى ما يقربهم إلى الجنة، ورضا الله عنهم، والنهي عما يقربهم إلى النار وسخط الله. (١)

وكان مما أعد الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - أن عوض الله هذه الأمة الأمية عن القراءة والكتابة بالحفظ، فكان العرب حفاظًا طبعًا وسليقة، وليس تكلفًا، فكان الواحد منهم ربما سمع المائة بيت من الشعر أو أكثر فيحفظه من أول مرة، في سمعة واحدة، فلمَّا أكرم الله هذه الأمة الأمية بأن بعث فيها خاتم أنبيائه ورسله محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - وسيد ولد آدم، كان الصحابة رضوان الله عليهم - وهم الذين آمنوا به ونصروه - يحبونه أكثر من آبائهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأبنائهم، ولئن كانوا يحفظون الأشعار الطويلة في سمعة واحدة في الجاهلية، فما بالنا بكلام رسولهم وحبيبهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان كلامه محما قال هو - صلى الله عليه وسلم-، فيما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: "وَأُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ". (٢)

والمعنى كما قال الهروي رحمه الله: أن كلامه كان قليل اللفظ، كثير المعاني.


(١) تفسير ابن كثير (٨/ ١١٦).
(٢) مسلم (٥٢٣)، وانظر: شرحه للنووي.

<<  <  ج: ص:  >  >>