للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أَبُو الْيَمانِ المصْرِيُّ: سَألتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ وَيُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الجْارِيَةِ، وَالمَاءَانِ جَمِيعًا وَاحِدٌ، قَالَ: لِأَنَّ بَوْلَ الْغُلَامِ مِنْ الماءِ وَالطِّينِ وَبَوْلَ الجَارِيَةِ مِنْ اللَّحْمِ وَالدَّمِ، ثُمَّ قَالَ لِي فَهِمْتَ، أَوْ قَالَ لَقِنْتَ، قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: إِنَّ الله تَعَالَى لمَّا خَلَقَ آدَمَ خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ ضِلْعِهِ الْقَصِيرِ، فَصَارَ بَوْلُ الْغُلَامِ مِنْ المَاءِ وَالطِّينِ، وَصَارَ بَوْلُ الجَارِيَةِ مِنْ اللَّحْمِ وَالدَّمِ، قَالَ: قَالَ لِي: فَهِمْتَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ لِي نَفَعَكَ الله بِهِ. (١)

وعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: أُتِيَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِصَبِيٍّ يَرْضَعُ فَبَالَ فِي حَجْرِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ. (٢)

وعَنْ أُمِّ قَيْسٍ أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بِابْنٍ لَهَا يَأْكُلْ الطَّعَامَ فَوَضَعَتْهُ فِي حَجْرِهِ فَبَالَ قَالَ: "فَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ نَضَحَ بِالماءِ". (٣)

قال النووي: وفي الباب اِسْتِحْبَاب حَمْل الْأَطْفَال إِلَى أَهْل الْفَضْل لِلتَّبَرُّكِ بِهِمْ، وَفِيهِ: النَّدْب إِلَى حُسْن المُعَاشَرَة، وَاللِّين، وَالتَّوَاضُع، وَالرِّفْق بِالصِّغَارِ، وَغَيْرهمْ، وَفِيهِ: مَقْصُود الْبَاب وَهُوَ: أَنَّ بَوْل الصَّبِيّ يَكْفِي فِيهِ النَّضْح، وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي كَيْفِيَّة طَهَارَة بَوْل الصَّبِيّ وَالجارِيَة عَلَى ثَلَاثَة مَذَاهِب؛ وَهِيَ ثَلَاثَة أَوْجه لِأَصْحَابِنَا: الصَّحِيح المشْهُور المُخْتَار: أَنَّهُ يَكْفِي النَّضْح فِي بَوْل الصَّبِيّ، وَلَا يَكْفِي فِي بَوْل الجْارِيَة، بَلْ لَا بُدّ مِنْ غَسْلِهِ كَسَائِرِ النَّجَاسَات. وَمِمَّنْ قَالَ بِالْفَرْقِ عِليّ بْن أَبِي طَالِب - رضي الله عنه -، وَعَطَاء بْن أَبِي رَبَاح، وَالحَسَن الْبَصْرِيّ، وَأَحْمَد بْن حَنْبَل، وَإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْهِ، وَجَمَاعَة مِنْ السَّلَف، وَأَصْحَاب الحْدِيث، وَابْن وَهْب مِنْ أَصْحَاب مَالِك.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الخْلَاف إِنَّمَا هُوَ فِي كَيْفِيَّة تَطْهِير الشَّيْء الَّذِي بَال عَلَيْهِ الصَّبِيّ، وَلَا خِلَاف فِي نَجَاسَته، قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره: وَلَيْسَ تَجْوِيز مَنْ جَوَّزَ النَّضْح فِي الصَّبِيّ مِنْ أَجْل


(١) ابن ماجه (١/ ١٧٤).
(٢) مسلم (٢٨٦).
(٣) البخاري (٢٢٣)، مسلم (٢٨٧) وهذا لفظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>