للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن يقال بأن ذلك هو كناية عن سد الشيطان أذن الذي ينام عن الصلاة؛ حتى لا يسمع الذكر، وقَيلَ: مَجَاز عَنْ سَدَّ الشَّيْطَان أُذُنه عَنْ سَمَاع صِيَاح الدِّيك وَنَحْوه، مِمَّا يَقُوم بِسَمَاعِ أَهْل التَّوْفِيق، وَالله تَعَالَى أَعْلَمُ (١).

الثالث: أن يقال بأن معناه أن الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل فحجب سمعه عن الذكر. (٢)

الرابع: قِيلَ: مَعْنَاهُ: اِسْتَخَفَّ بِهِ، وَاحْتَقَرَهُ، وَاسْتَعْلَى عَلَيْهِ، يُقَال لمِنْ اِسْتَخَفَّ بِإِنْسَانٍ وَخَدَعَهُ: بَالَ فِي أُذُنه، وَأَصْل ذَلِكَ فِي دَابَّة تَفْعَل ذَلِكَ بِالْأَسَدِ إِذْلَالًا لَهُ.

وَقَالَ الحَرْبِيّ: مَعْنَاهُ ظَهَرَ عَلَيْهِ، وَسَخِرَ مِنْه، فالأمر كناية عن ازدراء الشيطان به (٣).

الخامس: كناية عن الاستخفاف هو أن يقال بأن العنى: أن الشيطان استولى عليه واستخف به حتى اتخذه كالكنيف المعد للبول؛ إذ من عادة المستخف بالشيء أن يبول عليه (٤).

السادس: هو مثل مضروب للغافل عن القيام بثقل النوم، كمن وقع البول في إذنه، فثقل أذنه وأفسد حسه، والعرب تكني عن الفساد بالبول، قال الراجز: بال سهيل في الفضيخ ففسد، وكنى بذلك عن طلوعه؛ لأنه وقت إفساد الفضيخ فعبر عنه بالبول، ووقع في رواية الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في هذا الحديث عند أحمد (٥)، قال الحسن: إن بوله والله ثقيل، وروى محمد بن نصر، من طريق قيس بن أبي حازم، عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: "حسب الرجل من الخيبه والشر أن ينام حتى يصبح وقد بال الشيطان في إذنه"، وهو موقوف صحيح الإسناد. وقال الطيبي: خص الإذن بالذكر وإن كانت العين أنسب بالنوم إشارة


(١) فتح الباري (٣/ ٢٨)، حاشية السندي (٣/ ٦٧).
(٢) فتح الباري (٣/ ٢٨).
(٣) شرح النووي (٣/ ١٢٥)، فتح الباري (٣/ ٢٨)، حاشية السندي (٣/ ٦٧).
(٤) فتح الباري (٣/ ٢٨)، حاشية السندي (٣/ ٦٧)، الديباج على مسلم (٢/ ٣٨١).
(٥) المسند ١٥/ ٣١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>