للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اِسْتَنْثَرَ مَنَعَهُ مِن التَّوَصُّل إِلَى مَا يَقْصِد مِنْ الْوَسْوَسَة (١). والخيشوم أحد منافذ الجسم يتوصل منها إلى القلب (٢).

وقال ابن القيم: وَفِي مَبِيت الشَّيْطَان عَلَى الخَيْشُوم وَمُلَابَسَته لِلْيَدِ سِرٌّ يَعْرِفهُ مَنْ عَرَفَ أَحْكَام الْأَرْوَاح، وَاقْتِرَان الشَّيَاطِين بِالمحَالِّ الَّتِي تُلَابِسهَا، فَإِنَّ الشَّيْطَان خَبِيث يُنَاسِبهُ الْخَبَائِث، فَإِذَا نَامَ الْعَبْد

لَمْ يرَ فِي ظَاهِر جَسَده أَوْسَخ مِنْ خَيْشومه، فَيَسْتَوْطِنهُ فِي المبِيت (٣).

والخيشوم يَنْعَقِد فِيهِ مِن الْغُبَار وَالرُّطُوبَة قَذِرَات تُوَافِق الشَّيْطَان، فَالمُرَاد أَنَّ الْخَيْشُوم مَحَلّ قَذِر يَصْلُح لِبَيْتُوتَةِ الشَّيْطَان (٤).

والشيطان إذا لم يمكنه الوسوسة عند النوم لزوال الإحساس، يبيت على أقصى أنفه؛ ليلقي في دماغه الرؤيا الفاسدة؛ ويمنعه عن الرؤيا الصالحة؛ لأن محله الدماغ فأمر - صلى الله عليه وسلم - أن يغسلوا داخل أنوفهم لإزالة لوث الشيطان ونتنه منها (٥).

ومبيت الشيطان على الخيشوم لا يكون إلا بإذن الله عزَّ وجل بتسليط منه سبحانه وتعالى لحكمة، لكننا لا نعلم ما هي إلا أننا نعلم أنه لم يسلط إلا لحكمة (٦).

ومن الأسرار أيضًا تجَنُّبِ الْخَبَائِثِ الرُّوحَانِيَّةِ، كما أمرنا بِتَجَنُّبِ الْخَبَائِثِ الجُسْمَانِيَّةِ (٧).

ومن ذلك يكون السرُّ في مبيت الشيطان على الخيشوم للآتي:

١ - لحكمة يعلمها الله تبارك وتعالى، ومن الأدب ألا يتكلم فيما من لا يعلمها.


(١) فتح الباري (٦/ ٣٨٤).
(٢) شرح سنن النسائي (١/ ٧٧) حاشية السندي.
(٣) تهذيب سنن أبى داود لابن القيم (١/ ٥٨).
(٤) شرح سنن النسائي (١/ ٧٧) حاشية السندي.
(٥) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ٢١/ ٣١٦).
(٦) عمدة القاري (٢/ ٢٦٩).
(٧) مجموع الفتاوى (٢١/ ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>