للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فها هو الكتاب عندهم يثبت النجاسة، إذا وقع الجماع بين الذكر والأنثى، وتظل النجاسة تلاحقهما حتى المساء، ولنا تساؤلات:

١ - هل الجماع بالزواج وزر حتى يلحق صاحبه نجاسة؟

٢ - وهل التمتع بما أباحه الله تعالى يعد من أعمال النجاسة؟

٣ - وهل إتيان المرأة يعني تلبسه بالنجاسة حتى المساء؟

٤ - وهل النجاسة حلَّت في بدنه وجسمه كله لوقوعه في هذا العمل العظيم؟

أسئلة لا أجوبة لها عندهم، وعندنا الجواب:

فماء المني ليس بنجس حتى يقال تلبَّس بنجاسة، وإتيان الزوجة عمل مشروع يثاب عليه صاحبه، ولا تلحقه نجاسة، فقد سأل الصحابة -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعهما في الحلال كان لي أجرًا". (١)

والجنب ليس بنجس، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "لقيه في بعض طريق المدينة وهو جنب فانخنست منه فذهب فاغتسل ثم جاء فقال: أين كنت يا أبا هريرة، قال: كنت جنبا؛ فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: سبحان الله إن المسلم لا ينجس". (٢)

وبمجرد الغسل يحل له كل شيء كان ممنوعًا منه بعد الجنابة من الصلاة ومس المصحف، فلم تلحقه نجاسة عند جماعه ولا بعد جماعه ولا قبل اغتساله، فهذه شريعتنا بسماحتها وطهارتها ويسرها؛ تضيء لمعتنقيها الطريق وتذلل لهم الصعاب، وتضع عنهم الإصر والأغلال التي وضعها الرهبان والأحبار من عند أنفسهم، وصدق الله حين قال: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ}.

* * *


(١) جزء من حديث أخرجه مسلم (١٠٠٦).
(٢) البخاري (٢٧٩)، ومسلم (٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>