للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج- ويقرب منهما: الغريب بمعنى أنه ليس من القوم. (١)

د- وتطلق على الغموض والخفاء وعدم الشهرة، ومنه غريب الحديث: أي خفيه الذي لا يظهر معناه (٢)، وأغرب: أتى بالغريب. (٣)

هـ- وتطلق على الذهاب والتنحي عن الناس، يقال: غرب عنا يغرب غربًا. (٤)

قال سلمان بن فهد العودة: والذي جمع هذه المعاني أن غربة الشيء تعني أنه غير موافق كليًا أو جزئيًا للأشياء التي حوله، وقد تكون دلالة هذه الكلمة على مدلولها بالمطابقة؛ كتسمية المقيم بين قومٍ سوى قومه غريبًا، وقد تكون بالالتزام؛ كتسمية النازح عن وطنه غريبًا؛ لأن نزوحه يقتضي أن يقيم بين ظهراني قوم آخرين فيكون غريبًا بينهم. فإذا صح هذا، فإننا نكون قد جمعنا معظم معاني هذه الكلمة في معنىً واحد عام مشترك. (٥)

الغربة والغرب: النوى والبعد، وهي التروح عن الوطن والاغتراب، وفي الحديث أَن النبي -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عن الغُرباء فقال: "الذين يُحْيُونَ ما أَماتَ الناسُ من سُنَّتِي" وفي حديث آخر: "إِنّ الإِسلامَ بَدأَ غريبًا وسيعود غريبًا كما بَدأَ فطوبَى للغُرباءِ" أَي: أنه كان في أَوّلِ أَمْرِه كالغريبِ الوحيدِ الذي لا أَهل له عنده لقلة المسلمين يومئذ، وسيعودُ غريبًا كما كان أَي يَقِلُّ المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغُرباء، فطُوبى للغُرَباء، أَي: الجنةُ لأُولئك المسلمين الذين كانوا في أَوّل الإِسلام ويكونون في آخره؛ وإِنما خَصَّهم بها لصبْرهم على أَذى الكفار أَوَّلًا وآخرًا، ولُزومهم دينَ الإِسلام؛ وإِنما أَراد أَن أَهلَ الإِسلام حين بَدأَ كانوا


(١) اللسان (١/ ٦٤٠)، الصحاح (١/ ١٧١)، القاموس (١/ ٢٠٨: ٢٠٧).
(٢) اللسان (١/ ٦٤٠).
(٣) الصحاح (١/ ١٧١)، القاموس (١/ ٢٠٧).
(٤) القاموس (١/ ٢٠٦)، اللسان (١/ ٦٣٨).
(٥) القاموس (١/ ٢٠٦: ٢٠٨)، معجم مقاييس اللغة (٤/ ٤٢٠: ٤٢٢)، الصحاح (١/ ١٧١: ١٧٣)، النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير الجزري (٣/ ٣٤٨: ٣٥٣)، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>