للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ: قِيلَ يَا رَسولَ الله أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مُؤْمِنٌ يجاهِدُ فِي سَبِيلِ الله بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ. قَالُوا ثُمَّ مَنْ: قَالَ: مؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ يَتَّقِي الله وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ" (١).

وعن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله، وَالله أَعْلَمُ بِمَنْ يجاهِدُ فِي سَبِيلِهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، وَتَوَكَّلَ الله لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الجنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ. (٢)

فالجهاد أجره عظيم.

وقَالَ عِيَاض: اِشْتَمَلَ حَدِيث الْبَاب عَلَى تَعْظِيم أَمْر الجهَاد، لِأَنَّ الصِّيَام وَغَيْره مِمَّا ذَكَرَ مِنْ فَضَائِل الْأَعْمَال قَدْ عَدَلَهَا كُلّهَا الجهَاد، حَتَّى صَارَتْ جَمِيع حَالَات المُجَاهِد وَتَصَرُّفَاته المُبَاحَة مُعَادِلَة لِأَجْرِ المُوَاظِب عَلَى الصَّلَاة وَغَيْرهَا. (٣)

وقال النووي: "وَلَكِنْ جِهَاد وَنِيَّة" أي: وَلَكِنْ لَكُمْ طَرِيق إِلَى تَحْصِيل الْفَضَائِل الَّتِي فِي مَعْنَى الهجْرَة، وَذَلِكَ بِالجهَادِ، وَنِيَّة الْخَيْر فِي كُلّ شَيْء. (٤)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَضَمَّنَ الله لمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادًا فِي سَبِيلي، وَإِيمَانًا بِي، وَتَصْدِيقًا بِرُسُلي؛ فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ.

مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ الله؛ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ وَرِيحُهُ مِسْكٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى المُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ الله أَبدًا؛ وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً ويشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ الله، فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ" (٥).


(١) البخاري (٢٧٨٦).
(٢) البخاري (٢٧٨٧)، مسلم (١٨٧٨).
(٣) فتح الباري (٦/ ٧: ٦).
(٤) شرح النووي (٥/ ١٣٦).
(٥) مسلم (١٨٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>