عباس، أو عبد الله بن عمرو بن العاص أو إلى مجاهد، أو عكرمة، أو سعيد بن جبير وغيرهم ولكنها ليست متلقاة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا بالذات، ولا بالواسطة ولكنها متلقاة عن أهل الكتاب الذين أسلموا فثبوتها إلى من رويت عنه شيء وكونها مكذوبة في نفسها، أو باطلة أو خرافة شيء آخر، ومثل ذلك: الآراء والمذاهب الفاسدة اليوم فهي ثابتة عن أصحابها وعن آرائهم ولاشك ولكنها في نفسها فكرة باطلة أو مذهب فاسد.
فقد اختلق الوضاعون عليهم أشياء كثيرة، فاتخذوهم مطية لترويج الكذب وإذاعته بين الناس، مستغلين شهرتهم العلمية الواسعة بما في كتب أهل الكتاب، ثم تناقل هذه الأخبار بعض القصاص والمؤرخين والأدباء، وبعض المفسرين على أنها حقائق، من غير أن يتثبتوا من صحة نسبتها إلى من عزيت له.
يقول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: وبعض أهل عصرنا تكلم فيه - يقصد وهب بن منبه - عن جهل، ينكرون أنه يروي الغرائب عن الكتب القديمة، وما في هذا بأس، إذ لم يكن دينًا، ثم أنى لنا أن نوقن بصحة ما روي عنه من ذلك وأنه هو الذي رواه وحدَّث به".
فهل بعد هذا كله نقبل كلام جولد زيهر ومن مشى في ركابه، ونعرض عن كلام أئمة الإسلام، وجهابذة المحدثين والنقاد، الذين وثقوا هؤلاء الرواة، وخرجوا أحاديثهم في كتبهم التي تلقتها الأمة بالقبول جيلًا بعد جيل، فضلًا عن أن نتهمهم بالمكر والدهاء والكيد للإسلام وأهله، اللهم إنا نبرأ إليك من ذلك (١).
وأحب أن أنبه هنا إلى حقيقة وهي: أنه ليس معنى أن هذه الإسرائيليات المكذوبات والباطلات مروية عن كعب الأحبار، ووهب بن منبه، وعبد الله بن سلام وأمثالهم أنها من وضعهم، واختلاقهم كما زعم ذلك بعض الناس اليوم وإنما معنى ذلك أنهم هم الذين رووها ونقلوها لبعض الصحابة والتابعين من كتب أهل الكتاب ومعارفهم وليسوا هم الذين اختلقوها وإنما اختلقها، وافتجرها أسلافهم القدماء.