للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (١١٨) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (النساء: ١١٨) {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (٣٥)} [الحجر: ٣٥] وإذا أردنا أن نلعن إبليس فيجوز خاصة في الصلاة والأفضل التعوذ منه. عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ "أَعُوذُ بِالله مِنْكَ"، ثُمَّ قَالَ "ألعَنُكَ بِلَعْنَةِ الله". ثَلاثًا. وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا فَلَمّا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ قُلْنَا يَا رَسولَ الله قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ فِي الصَّلاةِ شَيْئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُوُلهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَرَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ. قَالَ: "إِنَّ عَدُوَّ الله إِبْلِيسَ جَاءَ بِشِهَابِ مِنْ نَارٍ لِيَجْعَلَهُ فِي وَجْهِي فَقُلْتُ أَعُوذُ بِالله مِنْكَ. ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قُلْتُ ألعَنُكَ بِلَعْنَةِ الله التًّامَّةِ فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ، وَالله لَوْلا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيمانَ لأَصبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ المُدِينَةِ" (١).

قَوْله - صلى الله عليه وسلم -: "ألعَنُك بِلَعْنَةِ الله التَّامَّة" قَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِل تَسْمِيَتهَا تَامَّة أَيْ لَا نَقْص فِيهَا، وَيَحْتَمِل الْوَاجِبَة لَهُ المسْتَحَقَّة عَلَيْهِ أَوْ المُوجِبَة عَلَيْهِ الْعَذَاب سَرْمَدًا وَقَوْله - صلى الله عليه وسلم - "ألْعَنك بِلَعْنَةِ الله وَأَعُوذ بِالله مِنْك" دَلِيل جَوَاز الدُّعَاء لِغَيرهِ وَعَلَى غَيْره بِصِيغَةِ المُخَاطَبَة (٢).

والمعنى: أسأل الله أن يلعنك بلعنته المخصوصة لك التي لا توازيها لعنة أو أبعدك عني بإبعاد الله لك. فالباء للتعدية، أو للآلة، أو للسببية ثلاثًا قيد لهما (٣).

٢ - يهود بني إسرائيل: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: ٦٠]، والسبب في لعنهم وجوه:

١ - لكفرهم وهم يعلمون الحق {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (٨٨)} [البقرة: ٨٨]، {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى


(١) رواه مسلم (١٢٣٩).
(٢) شرح النووي على مسلم (٢/ ٣٠٤).
(٣) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (٤/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>