فيكم ابن مريم حكمًا مقسطًا؛ فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال؛ حتى لا يقبله أحد". (١)
زاد عند مسلم: وفي رواية ابن عيينة: "إمامًا مقسطًا، وحكمًا عدلًا".
ووجه الدلالة من الحديث: قوله: ليوشكن بكسر المعجمة: أي ليقربن، أي لا بد من ذلك سريعًا.
وقوله: أن ينزل فيكم، أي في هذه الأمة؛ فإنّه خطاب لبعض الأمة ممن لا يدرك نزوله.
وقوله: حكمًا أي حاكمًا، والمعنى أنه ينزل حاكمًا بهذه الشريعة؛ فإن هذه الشريعة باقية لا تنسخ، بل يكون عيسى حاكمًا من حكام هذه الأمة، وفي رواية الليث عن بن شهاب عند مسلم: حكَمًا مقسطًا، وله من طريق بن عيينة عن بن شهاب إمامًا مقسطًا والمقسط العادل بخلاف القاسط فهو الجائر، وقوله فيكسر الصليب ويقتل الخنزير أي: يبطل دين النصرانية بأن يكسر الصليب حقيقة، ويبطل ما تزعمه النصارى من تعظيمه، ووقع في رواية عطاء بن ميناء عن أبي هريرة عند مسلم ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد، وقوله ويضع الحرب في رواية الكشميهني الجزية والمعنى أن الدين يصير واحدًا فلا يبقى أحد من أهل الذمة يؤدي الجزية وقيل معناه أن المال يكثر حتى لا يبقى من يمكن صرف مال الجزية له فتترك الجزية استغناء عنها وقال عياض يحتمل أن يكون المراد بوضع الجزية تقريرها على الكفار من غير محاباة ويكون كثرة المال بسبب ذلك وتعقبه النووي وقال الصواب أن عيسى لا يقبل إلا الإسلام قلت: ويؤيده أن عند أحمد من وجه آخر عن أبي هريرة وتكون الدعوى واحدة، قال النووي: ومعنى وضع عيسى الجزية مع أنها مشروعة في هذه الشريعة أن مشروعيتها مقيدة بنزول عيسى لما دل عليه هذا الخبر وليس عيسى بناسخ لحكم الجزية بل نبينا - صلى الله عليه وسلم - هو المبين للنسخ بقوله هذا، وقوله: ويفيض المال بفتح أوله وكسر الفاء وبالضاد المعجمة أي يكثر، وفي رواية عطاء بن ميناء المذكورة وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد، وسبب كثرته نزول البركات،