فقد أمر بالتثبت والتوقف في قبول شهادة الفاسق، إلا أن هذا باطل فإن من لم تقبل شهادته في حال الدنيا فكيف تقبل شهادته في الأديان الباقية إلى يوم القيامة.
الحجة الثالثة: لو صدر الذنب عنهم لوجب زجرهم، لأن الدلائل دالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن زجر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام غير جائز، لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (٥٧)} [الأحزاب: ٥٧] فكان صدور الذنب عنهم ممتنعًا.
الحجة الرابعة: لو صدر الفسق عن محمد - صلى الله عليه وسلم - لكنا إما أن نكون مأمورين بالاقتداء به وهذا لا يجوز، أو لا نكون مأمورين بالاقتداء به وهذا أيضًا باطل، لقوله تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}(آل عمران: ٣١).
ولقوله تعالى:{فَاتَّبِعُونِي}(الأنعام: ١٥٣)، ولما كان صدور الفسق يفضي إلى هذين القسمين الباطلين كان صدور الفسق عنه محالًا.
الحجة الخامسة: لو صدرت المعصية عن الأنبياء -عليهم السلام- لوجب أن يكونوا موعودين بعذاب الله بعذاب جهنم؟ لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٤)} [النساء: ١٤].