وتفضيل غير النبي على النبي باطل بالإجماع، فوجب القطع بأن أولئك الذين لم يتبعوا إبليس هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وكل من أذنب فقد اتبع إبليس، فدل هذا على أن الأنبياء صلوات الله عليهم ما أذنبوا.
الحجة الحادية عشرة: أنه تعالى قسم المكلفين إلى قسمين:
حزب الشيطان كما قال تعالى:{أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} المجادلة: ١٩).
وحزب الله كما قال تعالى:{أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(الجادلة: ٢٢).
ولا شك أن حزب الشيطان هو الذي يفعل ما يريد الشيطان ويأمره به فلو صدرت الذنوب عن الأنبياء لصدق عليهم أنهم حزب الشيطان.
الحجة الثانية عشر: إن العلماء -رحمهم الله تعالى- بينوا أن الأنبياء أفضل من الملائكة وثابت بالدلالة على أن الملائكة ما أقدموا على شيء من الذنوب، فلو صدرت الذنوب عن الأنبياء لامتنع أن يكونوا زائدين في الفضل على الملائكة لقوله تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨)} [ص: ٢٨].
الحجة الثالثة عشر: قال الله تعالى في حق إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}(البقرة: ١٢٤).
والإمام هو الذي يُقتدى به، فلو صدر الذنب عن إبراهيم، لكان اقتداء الخلق به في ذلك الذنب واجبًا وإنه باطل.
الحجة الرابعة عشر: قوله تعالى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}(البقرة: ١٢٤). فكل من أقدم على الذنب كان ظالمًا لنفسه لقوله تعالى:{فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ}(فاطر: ٣٢).
إذا عرفت هذا فنقول: ذلك العهد الذي حكم الله تعالى بأنه لا يصل إلى الظالمين، إما أن يكون هو عهد النبوة أو عهد الإمامة، فإن كان الأول فهو المقصود، وإن كان الثاني