للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضي عياض: وفقه الله فإذا كان هذا حكم شيطانه وقرينه المسلط على بني آدم فكيف بمن بعد منه ولم يلزم صحبته ولا أقدر على الدنو منه؟ ! (١).

٢ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجنِّ تَفَلَّتَ الْبَارِحَةَ ليقْطَعَ عَلَيَّ صلاتي، فأمكنني الله مِنْهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سواري المُسْجِدِ حَتَّى تَنْظروا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أخي سُلَيْمَانَ رَبِّ هَبْ لي مُلْكًا لا ينبغي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى. فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا" (٢).

٣ - عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ: "أَعُوذُ بِالله مِنْكَ". ثُمَّ قَالَ: "ألعَنُكَ بِلَعْنَةِ الله" ثَلاثًا. وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا، فَلَمّا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ في الصَّلاةِ شَيْئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُوُلهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَرَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ. قَالَ: "إِنَّ عَدُوَّ الله إِبْلِيسَ جَاءَ بِشِهَابٍ مِنْ نَارٍ لِيَجْعَلَهُ في وجهي فَقُلْتُ: أَعُوذُ بِالله مِنْكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قُلْتُ: ألعَنُكَ بِلَعْنَةِ الله التَّامَّةِ فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ، وَالله لَوْلا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيمانَ لأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ المُدِينَةِ" (٣).

٤ - عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَتَاهُ جِبْرِيلُ - صلى الله عليه وسلم - وهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ. ثُمَّ غَسَلَهُ في طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لأَمَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ في مَكَانِهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ - يَعْنِي ظِئْرَهُ - فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ. فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقَعُ اللَّوْنِ. قَالَ أَنسٌ: وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أثَرَ ذَلِكَ المخْيَطِ في صَدْرِهِ. (٤)

وإخراج جبريل لحظ الشيطان منه، وتطهير لقلبه، فلا يقدر الشيطان على إغوائه إذ لا سبيل له عليه، وهذا دليل على عصمته من كل ما يمس قلبه، وعقيدته، وخلقه، منذ صغره - صلى الله عليه وسلم -، فقد أُفرغ في صدره الشريف طست ممتلئ حكمة وإيمانًا؛ وتجسيد المعنويات في قدرة الله


(١) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢/ ١٣٥.
(٢) البخاري (٣٤٢٣)، مسلم (٥٤١).
(٣) مسلم (٥٤٢).
(٤) مسلم (٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>