أما عن الاستدلال بقوله تعالى {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (١٦)}.
١ - فإن أكثر المفسرين على أن المراد هو الكواكب التي تسير راجعة تارة ومستقيمة أخرى وهذا القول قد قاله جماعة من المفسرين وأنها الكواكب الخمسة زحل وعطارد والمشترى والمريخ والزهرة وروى عن على واختاره ابن مقاتل وابن قتيبة قالوا: وسماها خنسًا لأنها في سيرها تتقدم إلى جهة المشرق ثم تخنس أي تتأخر وكنوسها استتارها في معربها كما تكنس الظباء وتفر من الوحوش إلى أن تأوي إلى كناسها وهي أكنتها، وتسمى هذه الكواكب المتحيرة لأنها تسير مستقيمة وتسير راجعة وقيل كنوسها بالنسبة إلى الناظر وهو استتارها تحت شعاع الشمس.
٢ - وقيل هي النجوم كلها وهو اختيار أبي عبيدة وقاله الحسن وقتادة، وعلى هذا القول فيكون باعتبار أحوالها الثلاثة من طلوعها وغروبها وما بينهما فهي خنس عند أول الطلوع لأن النجم منها يرى كأنه يبدو ويخنس وتكنس عند غروبها تشبها بالظباء التي تأوي إلى كناسها وهي جوار ما بين طلوعها وغروبها خنس عند الطلوع جوار بعده كنس عند الغروب وهذا كله بالنسبة إلى أفق كل بلد تكون لها فيه الأحوال الثلاثة.
٣ - وقال ابن مسعود: هي بقر الوحش وهي رواية عن ابن عباس واختاره سعيد بن جبير.
٤ - وقيل -وهو أضعف الأقوال-: الملائكة حكاه المروزي في تفسيره فإن كان المراد بعض هذه الأقوال غير ما حكاه الرازي فلا حجة له وإن كان المراد ما حكاه فغايته إن يكون الله سبحانه وتعالى قد أقسم بها كما أقسم بالليل والنهار والضحى والوالد والفجر وليال عشر والشفع والوتر والسماء والأرض واليوم الموعود وشاهد ومشهود والنفس والمرسلات والعاصفات والناشرات والفارقات والنازعات والناشطات والسابحات والسابقات وما نبصره وما لا نبصره من كل غائب عنا وحاضر مما فيه التنبيه على كمال