للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: قُلْتُ: لَا، إِلَّا أَنِّي مَرَرْتُ بِعُثْمَانَ آنِفًا فِي المسْجِدِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَمَلَأَ عَيْنَيْهِ مِنِّي ثُمَّ لَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، قَالَ: فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى عُثْمَانَ فَدَعَاهُ فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ لَا تَكُونَ رَدَدْتَ عَلَى أَخِيكَ السَّلَامَ؟ قَالَ عُثْمَانُ: مَا فَعَلْتُ. قَالَ سَعْدٌ: قُلْتُ بَلَى. قَالَ حَتَّى حَلَفَ وَحَلَفْتُ. قَالَ: ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ ذَكَرَ فَقَالَ: بَلَى وَأَسْتَغْفِرُ الله وَأَتُوبُ إِلَيْهِ إِنَّكَ مَرَرْتَ بِي آنِفًا وَأَنَا أُحَدِّثُ نَفْسِي بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لَا وَالله مَا ذَكَرْتُهَا قَطُّ إِلَّا تَغَشَّى بَصَرِي وَقَلْبِي غِشَاوَةٌ قَالَ: قَالَ سَعْدٌ: فَأَنَا أُنْبِئُكَ بِهَا إِنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ لَنَا أَوَّلَ دَعْوَةٍ ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَشَغَلَهُ حَتَّى قَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَاتَّبَعْتُهُ فَلَمَّا أَشْفَقْتُ أَنْ يَسْبِقَنِي إِلَى مَنْزِلِهِ ضَرَبْتُ بِقَدَمِي الْأَرْضَ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: مَنْ هَذَا أَبُو إِسْحَاقَ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله، قَالَ: فَمَهْ، قَالَ: قُلْتُ: لَا وَالله، إِلَّا أَنَّكَ ذَكَرْتَ لَنَا أَوَّلَ دَعْوَةٍ، ثُمَّ جَاءَ هَذَا الْأَعْرَابِيُّ فَشَغَلَكَ، قَالَ: نَعَمْ، دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ هُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ رَبَّهُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ. (١)

فكانت هذه الدعوة مباركة لم يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ رَبَّهُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ الله لَه فكيف تفهم على أنها من الظلم الذي يستحق اللعن؟ .

* * *


(١) حسن. أخرجه أحمد ١/ ١٧٠، وأبو يعلى (٧٧٢) من طريق إِسْمَاعيل بن عمر. وأخرجه الترمذي في سننه (٣٥٠٥)، والنسائي في الكبرى (١٠٤٩٢)، والطبراني في الدعاء (١٢٤)، والحاكم في المستدرك ١/ ٥٠٥ من طريق محمد بن يوسف. وأخرجه البزار في كشف الأستار (٣١٥٠)، والبيهقي في الشعب (١٠٢٢٤) من طريق أبي أحمد الزبيري. وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢/ ٣٨١ ومن طريقه البيهقي في الشعب (٦٢٠) من طريق محمد بن عبيد الطنافسي. أربعتهم (إسماعيل، محمد، أبو أحمد، الطنافسي)، عن يونس بن أبي إسحاق حدثني إبراهيم بن محمد بن سعد، عن أبيه، عن جده به، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٣٣٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>