المسيح المحضة وعدم إلهيته، وأنَّه ليس الله المتجسد بل عبدٌ رسول ونبيٌّ مبعوثٌ برسالة من الله كسائر الأنبياء والرسل وحسب.
(٢) ولقد استشهد متى في إنجيله، ببشارة كانت قد وردت في سفر إشعيا من العهد القديم فاعتبرها بشارة عن المسيح، وهي تشير أيضًا لنزول روح الله (أي جبريل) على المبشَّر به، ليعلن الحق للأمم:"فَلَمَّا خَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ تَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ، فَعَلِمَ يَسُوعُ وَانْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ. وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَشَفَاهُمْ جَمِيعًا. وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لَا يُظْهِرُوهُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: "هُوَذَا فتايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالحق .. " (متى: ١٢/ ١٧: ١٤).
والشاهد قوله: أضع روحي عليه، أي أنزل جبريل، روح الله عليه بالوحي؛ فيخبر الأمم بالحق.
(٣) وإلى هذا الشروع بالعمل الرسالي، أشار يوحنا في إنجيله فقال: "وَقَال لَهُ: "الحق الحقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تَرَوْنَ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَمَلَائِكَةَ الله يَصْعَدُونَ وَيَنْزِلُونَ عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ"." يوحنا: ١/ ٥١.
(٤) هذا وقد نقل يوحنا الإنجيلي أيضًا عن النبي يحيى (يوحنا) المعمدان أنه قال لليهود لما تباحثوا معه عن ذاك (أي المسيح) الذي بدأ يعمد الناس، فقال النبي يحيى -عليه السَّلام- لهم: "إذا فرحي قد كمُلَ. ينبغي أن ذلك يزيد وأنا أنقص" (يوحنا: ٣/ ٢٩ - ٣). مبينًا بدء رسالة المسيح وتواتر وحي الله تعالى إليه.
(٥) ولننظر ما ذكره لوقا عن بدء بعثة المسيح بنزول روح القدس عليه: "وَلمَّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعبِ اعْتَمَدَ يَسُوعُ أيضًا. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي انْفَتَحَتِ السَّمَاءُ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ. وَكَانَ صَوْت مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا:"أَنْتَ ابْنِي الحبِيبُ، بِكَ سُرِرْتُ وَلمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، ... ورجع يسوع من الأردن وهو ممتلئ من الروح القدس"(لوقا: ٣/ ٢١ - ٢٣).