للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما صار غويًا، ولكنه رشيد سديد (١).

وإليك شهادة قومه له - صلى الله عليه وسلم -، فعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}.

صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - على الصفا، فجعل ينادي: يا بني فهر، يا بني عدي، لبطون قريش؛ حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب، وقريش فقال: "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي". قالوا نعم ما جربنا عليك إلا صدقا قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" (٢).

فأثبتوا الصدق له - صلى الله عليه وسلم - ونفوا عنه الكذب بالكلية.

ولما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان - رضي الله عنه - عن محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكان أبو سفيان أنذاك كافرًا، فأجاب بإجابات شاهدة على خُلق نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وعلى صدقه، فكان مما سأل هرقل أبا سفيان: كيف نسبه فيكم؟ قلت هو فينا ذو نسب، فقال له: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت لا. قال فهل يغدر؟ قلت لا (٣).

وعن عائشة، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يمتحنهن بقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} إلى آخر الآية. قالت عائشة: فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات فقد أقر بالمحنة، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقررن بذلك من قولهن، قال لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انطلقن فقد بايعتكن" لا والله ما مست يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد امرأة قط، غير أنه بايعهن بالكلام، والله ما أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على النساء إلا بما أمره الله، يقول لهن إذا أخذ عليهن: "قد بايعتكن" كلامًا (٤).

وعن أميمة بنت رقيقة أنها قالت: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نسوة نبايعه على الإسلام فقلت: يا رسول الله هلم نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق ولا نزني، ولا نأتي ببهتان


(١) تفسير الطبري ٢٧/ ٤١.
(٢) البخاري (٤٧٧)، مسلم (٢٠٨).
(٣) البخاري (٧).
(٤) البخاري (٤٩٣٨)، مسلم (١٨٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>