للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما هي الخلوة المحرمة؟

هي أن ينفرد رجل بامرأة أجنبية عنه، في غيبة عن أعين الناس، وهي من أفعال الجاهلية، وكبائر الذنوب.

والدليل على تحريمها ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يقول: "لا يخلُونَّ رجلٌ بامرأة إلا ومعها ذو محرم".

وما رواه عامر بن ربيعة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا لَا يخلُونَّ رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان" (١)، وهذا يعم جميع الرجال، ولو كانوا صالحين، أو مسنين، وجميع النساء، ولو كنَّ صالحات، أو عجائز.

وعن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يخلون بامرأة، ليس معها ذو محرم منها؛ فإن ثالثهما الشيطان" (٢).

وقد تكون القرابة إلى المرأة، أو زوجها سبيلًا إلى سهولة الدخول عليها، أو الخلوة بها، كابن العم، وابن الخال مثلًا، ولذلك حذرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك؛ لأنه من مداخل الشيطان، ومسارب الفساد.

فعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إياكم والدخول على النساء"، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت". (٣)

والحمو هو قريب الزوج الذي لا يحل للمرأة، كأخيه وابن عمه، فبينَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يفسد الحياة الزوجية، كما يُفسد الموت البدن.

قال الأبي: لا تُعرِّضُ المرأةُ نفسَها بالخلوة مع أحد، وإن قلّ الزمن، لعدم الأمن لا سيما مع فساد الزمن، والمرأة فتنة، إلا فيما جُبلت عليه النفوس من النفرة من محارم النسب.

فالحكمة من تحريم الخلوة هي: سد الذّريعة إلى الفاحشة، أو الاقتراب منها، حتى يظل


(١) سنن الترمذي (١١٧١)، المستدرك للحاكم (٣٨٧)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (٣١١٨).
(٢) مسند أحمد (١٤٦٩٢)، وصححه الألباني في غاية المرام (١٨٠).
(٣) البخاري (٥٢٣٢)، مسلم (٢١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>