للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْطَان" (١) وَجَرَتْ الْعَادَة بِالتَّسَاهُلِ فِيهِ، فَيَخْلُو الْأَخ بِامْرَأَةِ أَخِيهِ، فَشَبَّهَهُ بِالْموْتِ وَهُوَ أَوْلي بِالمَنع مِنْ الْأَجْنَبِيّ.

وقَوْله: "الْحَمْو المَوْت" قِيلَ: المُرَاد أَنَّ الْخَلْوَة بِالحْمْوِ قَدْ تُؤَدِّي إِلَى هَلَاك الدِّين إِنْ وَقَعَتْ المَعْصِيَة، أَوْ إِلَى المَوْت إِنْ وَقَعَتْ المعْصِيَة وَوَجَبَ الرَّجْم، أَوْ إِلَى هَلَاك المُرْأَة بِفِرَاقِ زَوْجهَا إِذَا حَمَلَتْهُ الْغَيْرَة عَلَى تَطْلِيقهَا، أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ كُلّه الْقُرْطُبِيّ (٢).

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فَقَامَ رَجُل فَقَالَ يَا رَسُولَ الله امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّة وَاكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا، وَكَذَا قَالَ ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ (٣).

وفي رواية عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقُول: "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُل بِامْرَأَةٍ، وَلَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ" (٤).

وتقدير الحديث: لا يقعدن رجل مع امرأة إلا ومعها محرم، وإِذَا خَلَا الْأَجْنَبِيّ بِالْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ غَيْر ثَالِث مَعَهُمَا؛ فَهُوَ حَرَام بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاء، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَعَهُمَا مَنْ لَا يُسْتَحَى مِنْهُ، لِصِغَرِهِ كَابْنِ سَنَتَيْنِ وَثَلَاث وَنَحْو ذَلِكَ؛ فَإِنَّ وُجُوده كَالْعَدَمِ، وَكَذَا لَوْ اِجْتَمَعَ رِجَال بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّة فَهُوَ حَرَام (٥).

وقد ترجم البخاري بقوله (باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على المغيبة.

قال البدر العيني: هذه الترجمة مشتملة على حكمين أحدهما عدم جواز اختلاء الرجل بامرأة أجنبية والثاني عدم جواز الدخول على المغيبة (٦).


(١) الترمذي (٢١٦٥)، مسند أحمد (١/ ٢٦)، وهو في السلسلة الصحيحة (٤٣٠).
(٢) فتح الباري (٩/ ٣٨٠: ٣٧٩).
(٣) البخاري (٥٢٣٣)، مسلم (١٣٤١).
(٤) البخاري (٣٠٠٦).
(٥) شرح النووي (٥/ ١٢٠).
(٦) عمدة القاري (٢٠/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>