للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: ١٨٧].

فالأصل في الرفث: هو قول الفحش ثم جعل ذلك اسما لما يتكلم به عند النساء من معاني الإفضاء، ثم جعل كناية عن الجماع وعن كل ما يتبعه.

فإن قيل: لم كنى هاهنا عن الجماع بلفظ الرفث الدال على معنى القبح بخلاف قوله: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: ٢١]، {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} [الأعراف: ١٨٩]، {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: ٤٣] , {دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣] , {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} [البقرة: ٢٢٣]، {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧]، {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} [النساء: ٢٤] , {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ} [البقرة: ٢٢٢].

جوابه: السبب فيه استهجان ما وجد منهم قبل الإباحة كما سماه اختيانا لأنفسهم. والله أعلم. (١)

وقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: ١٩٧].

وقوله: {فَلَا رَفَثَ} أي من أحرم بالحج أو العمرة فليجتنب الرفث وهو الجماع أي لا جماع فيه لأنه يفسده كما قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} فالرفث: كناية عن الجماع لأن الله -عَزَّ وَجَلَّ- كريم يكني، وبهذا قال ابن عباس، وابن جبير، والسدي، وقتادة، والحسن، وعكر مة، والزهري، ومجاهد، وما لك. وكذلك يحرم تعاطي دواعيه من المباشرة والتقبيل ونحو ذلك. كذلك التكلم به بحضرة النساء. (٢)


(١) تفسير الرازي (البقرة: ١٨٧).
(٢) تفسير ابن كثير، والقرطبي (البقرة ١٨٧، ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>