للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَافِلِينَ} [يوسف: ١ - ٣] يعني: من قبل وحي الله إليك كنت من الغافلين.

يقول الشيخ محمد رشيد رضا: أي: وإن الشأن وحقيقة ما يتحدث عنه من قصتك أنت أنك كنت من قبل إيحائنا إياه إليك من جماعة الغافلين عنه من قومك الأميين الذين لا يخطر في بالهم التحديث بأخبار الأنبياء وأقوامهم؛ وبيان ما كانوا عليه من دين وتشريع كيعقوب وأولاده في بداوتهم، ولا ما كانت الأمم فيه من ترف وحضارة كالمصريين الذين وقع يوسف بينهم وحدث له ما حدث في بعض بيوتاتهم (١).

قال ابن الجوزى: قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧)} بمعنى: ضالًا عن معالم النبوة، وأحكام الشريعة، فهداك إليها، قاله الجمهور، منهم الحسن، والضحاك (٢).

وقال القرطبي: أي: غافلًا عما يراد بك من أمر النبوة، فهداك: أي أرشدك، والضلال هنا بمعنى: الغفلة؛ كقوله جل ثناؤه: {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} أي: لا يغفل، وقال في حق نبيه: {وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}، وقال قوم: "ضالًا" لم تكن تدري القرآن والشرائع، فهداك الله إلى القرآن، وشرائع الإسلام؛ عن الضحاك وشهر بن حوشب وغيرهما، وهو معنى قوله تعالى: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} (٣).

وقال البقاعي: (ووجدك) أي: صادفك (ضالًا) أي: لا تعلم الشرائع، {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ}، فأطلق اللازم وهو الضلال على الملزوم، والمسبب على السبب وهو عدم العلم، فكنت لأجل ذلك لا تقدم على فعل من الأفعال؛ لأنك لا تعلم الحكم فيه إلا ما علمت بالعقل الصحيح والفطرة السليمة المستقيمة من التوحيد وبعض توابعه .... إلخ (٤).


(١) تفسير المنار (١٢/ ٢٥٢).
(٢) زاد المسير (٩/ ١٥٨)، وذكر ابن الجوزي فيها ستة أقوال.
(٣) تفسير القرطبي (٢٠/ ٩٧).
(٤) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (٨/ ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>