للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خليقة الله أي أول مخلوقات الله المتصدر لعالم الخلق، وبديهي أن المخلوق عبد لخالقه ولا يكون إلها أبدًا.

الثانية: أن الله تعالى إلهُ المسيح وقد جاء صريحًا في قول بولس في رسالته إلى أهل أفسس (١/ ١٦ - ١٧): "لَا أَزَال شَاكِرًا لأَجْلِكُمْ، ذَاكِرًا إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِي، ١٧ كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمسِيح، أَبُو الْمجْدِ، رُوحَ الحكْمَةِ وَالإِعْلَانِ فِي مَعْرِفَتِهِ" قلت: فهذا بيان صريح في أن الله تعالى، أبا المجد، هو إلهُ يسوع، وبالتالي يسوع عبده، وهذا نفي قاطع لإلهية المسيح لأن الإله لا يكون له إله!

الثالثة: أن المسيح يستمد قوته من الله ويخضع في النهاية، ككل المخلوقات، لله تعالى، وقد جاء صريحًا في كلام بولس، في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس (كورنثوس): (١٥/ ٢٤ - ٢٨): "وَبَعْدَ ذلِكَ النِّهَايَةُ، مَتَى سَلَّمَ الملْكَ لِلهِ الآبِ، مَتَى أَبْطَلَ كُلَّ رِيَاسَةٍ وَكُلَّ سُلْطَانٍ وَكُلَّ قُوَّةٍ. لأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَمْلِكَ حَتَّى يَضَعَ جَمِيعَ الأَعْدَاءِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. آخِرُ عَدُوٍّ يُبْطَلُ هُوَ الْموْتُ. لأَنَّهُ أَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحتَ قَدَمَيْهِ. وَلكِنْ حِينَمَا يَقُولُ: "إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُخْضِعَ" فَوَاضِحٌ أَنَّهُ غَيْرُ الَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ. وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ، فَحِينَئِذٍ الابْنُ نَفْسُهُ أيضًا سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ، كَيْ يَكُونَ الله الْكُلَّ فِي الْكُلِّ."

قلت: تظهر من هذا النص الحقائق التالية:

١ - أن المُلْكَ الحقيقيَّ الأصيلَ للَّهِ الآبِ وحدَه، وأما السلطان والمُلْكُ الذي أوتيه المسيح، فهو من عطاء الله وموهبته، وهو أمانة لأداء رسالة محددة وفق مشيئة الله، ثم يسلم المسيح فيما بعد الأمانة لصاحبها الحقيقي.

٢ - أن المسيح لم يخضِع شيئًا من قوات الشر في العالم بقوته الذاتية، بل الله تعالى هو الذي أخضعها له.

٣ - أن المسيح نفسَه، بعد أن ينصره الله على قوى الشر ويجعلها تحت قدميه، سيخضع بنفسه لله، ليكون الله تعالى وحده الكل في الكل. ويذكرنا هذا بقوله تعالى في قرآنه المجيد:

<<  <  ج: ص:  >  >>