للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتبين من هذا شأنه وهذه مكانته وهذه أخلاقه، كيف يوصف بالقسوة والإعراض عن الضعفاء والفقراء والمساكين؟ ! ، وقال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩)} [آل عمران: ١٥٩].

وعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو حِينَ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْكُوفَةِ فَذَكَرَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَقَالَ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحَاسِنكُمْ أَخْلَاقًا" (١).

وعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: مَا ضرَبَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ ولا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يجاهِدَ فِي سَبِيلِ الله وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ الله فيَنْتَقِمَ للهَّ عزَّ وجلَّ (٢).

وقد امتَلأت نفس الرسول الكريم بالرحمة، وأوصى أتباعه بأن يكونوا رحماء كما وصفهم القرآن {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} (الفتح: ٢٩)، ومن وقائع السيرة النبوية أن ثقيفًا آذت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما ذهب إلى الطائف يدعوهم إلى الإسلام حتى رشقوه بالحجارة وأدموا قدميه، وخيره الله أن يعاقبهم فيطبق عليهم الجبال، فقال - صلى الله عليه وسلم - "بل أرجوا أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا" (٣).

وعن أَنَس - رضي الله عنه - قَالَ: خَدَمْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ قط وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صنعته لِمَ صنعته، ولا لشيء تركته لم تركته، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحسن الناس


(١) مسلم (٢٣٢١).
(٢) مسلم (٢٣٢٨).
(٣) البخاري (٣٢٣١)، مسلم (١٧٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>