للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَرَكَة بِرِيقِهِ المبَارَك (١).

قَوْله: (أَلَا تُنْجِز لِي مَا وَعَدْتنِي) يُحْتَمَل أَنَّ الْوَعْد كَانَ خَاصًّا بِهِ، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون عَامًّا (٢).

وَفِي الحدِيث مَنْقَبَة لِأَبِي عَامِر وَلأَبِي مُوسَى وَلبِلَالِ وَلأُمِّ سَلَمَة.

والمنقبة لمجرد أن شربوا من فضل ماء مج فيه - صلى الله عليه وسلم -.

وقال بدر الدين العيني: وإن كان المراد: أنَّهم كانوا يأخذون ما فضل من وضوئه في الإناء، فيكون المراد منه التبرك بذلك. وفي الحديث الدلالة على طهارة الماء المستعمل على الوجه الذي ذكرناه وفيه جواز مج الريق في الماء، قاله الكرماني.

قلت: هذا في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأن لعابه أطيب من المسك ومن غيره يستقذر، ولهذا كره العلماء ذلك.

والنبي - صلى الله عليه وسلم - مقامه أعظم، وكانوا يتدافعون على نخامته، ويدلكون بها وجوههم، لبركتها وطيبها وخلوفه ما كان يشابه خلوف غيره، وذلك لمناجاته الملائكة فطيب الله نكهته، وخلوف فمه، وجميع رائحته (٣).

وفي حديث عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ المسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ: ( ... ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَيْنَيْهِ قَالَ فَوَالله مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ ..... ) (٤).

وعن السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ (٥).


(١) فتح الباري (١/ ٣٥٤).
(٢) فتح الباري (٨/ ٥٦: ٥٥).
(٣) عمدة القاري (٣/ ٧٥).
(٤) البخاري (٢٧٣٢، ٢٧٣١).
(٥) البخاري (١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>