من كمال خلقته، وجمال صورته، وقوة عقله، وصحة فهمه، وفصاحة لسانه، وقوة حواسه، وأعضائه، واعتدال حركاته، وشرف نسبه، وعزة قومه، وكرم أرضه، ويلحق به ما تدعوه ضرورة حياته إليه من غذائه، ونومه، وملبسه، ومسكنه، ومنكحه، وماله، وجاهه، وقد تلحق هذه الخصال الآخرة بالأخروية إذا قصد بها التقوى ومعونة البدن على سلوك طريقها، وكانت على حدود الضرورة وقواعد الشريعة.
وأما المكتسبة الأخروية فسائر الأخلاق العلمية، والآداب الشرعية من الدين والعلم، والحلم، والصبر، والشكر، والعدل، والزهد، والتواضع، والعفو، والعفة والجود، والشجاعة، والحياء، والمروءة، والصمت، والتؤدة، والوقار، والرحمة، وحسن الأدب، والمعاشرة، وأخواتها، وهي التي جماعها: حسن الخلق.
وقد يكون من هذه الأخلاق ما هو في الغريزة وأصل الجبلة لبعض الناس، وبعضهم لا تكون فيه فيكتسبها، ولكنه لا بد أن يكون فيه من أصولها في أصل الجبلة شعبة وتكون هذه الأخلاق دنيوية إذا لم يرد بها وجه الله، والدار الآخرة، ولكنها كلها محاسن وفضائل باتفاق أصحاب العقول السليمة، وإن اختلفوا في موجب حسنها وتفضيلها. وإذا كانت خصال الكمال والجلال ما ذكرناه، ورأينا الواحد منا يتشرف بواحدة منها أو اثنتين إن اتفقت له في كل عصر، إما من نسب أو جمال أو قوة أو علم أو حلم أو شجاعة أو سماحة، حتى يعظم قدره ويضرب باسمه الأمثال ويتقرر له بالوصف بذلك في القلوب أثرة وعظمة وهو منذ عصور خوال رمم بوال، في ظنك بعظيم قدر من اجتمعت فيه كل هذه الخصال إلى ما لا يأخذه عد ولا يعبر عنه مقال، ولا ينال بكسب ولا حيل إلا بتخصيص الكبير المتعال، من فضيلة النبوة، والرسالة، والخلة، والمحبة، والاصطفاء، والإسراء، والرؤية، والقرب، والوحي، والشفاعة، والوسيلة، والفضيلة، والدرجة الرفيعة، والمقام المحمود، والبراق، والمعراج، والبعث إلى الأحمر والأسود، والصلاة بالأنبياء، والشهادة بين الأنبياء، والأمم، وسيادة ولد آدم، ولواء الحمد، والبشارة، والنذارة، والمكانة عند ذي العرش، والطاعة، والأمانة، والهداية، ورحمة