وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزكاة رمضان ... الحديث بطوله، وأورده في مواضع أخرى منها في فضائل القرآن وفي ذكر إبليس ولم يقل في موضع منها حدثنا عثمان، فالظاهر أنه لم يسمعه منه، وقد استعمل المصنف هذه الصيغة فيما لم يسمعه من مشايخه في عدة أحاديث، فيوردها عنهم بصيغة قال فلان ثم يوردها في موضع آخر بواسطة بينه وبينهم وسيأتي لذلك أمثلة كثيرة في مواضعها، فقال في التاريخ: قال إبراهيم بن موسى حدثنا هشام بن يوسف فذكر حديثًا، ثم قال: حدثوني بهذا عن إبراهيم، ولكن ليس ذلك مطردًا في كل ما أورده بهذه الصيغة، لكن مع هذا الاحتمال لا يحمل حمل جميع ما أورده بهذه الصيغة على أنه سمع ذلك من شيوخه، ولا يلزم من ذلك أن يكون مدلا عنهم، فقد صرح الخطيب وغيره بأن لفظ (قال) لا يحمل على السماع إلا ممن عرف من عادته أنه لا يطلق ذلك إلا فيما سمع، فاقتضى ذلك أن من لم يعرف ذلك من عادته كان الأمر فيه على الاحتمال.
وأما ما لا يلتحق بشرطه فقد يكون صحيحًا على شرط غيره وقد يكون حسنًا صالحًا للحجة، وقد يكون ضعيفًا لا من جهة قدح في رجاله، بل من جهة انقطاع يسير في إسناده، قال الإسماعيلي: قد يصنع البخاري ذلك، إما لأنه سمعه من ذلك الشيخ بواسطة من يثق به عنه وهو معروف مشهور عن ذلك الشيخ، أو لأنه سمعه ممن ليس من شرط الكتاب، فنبه على ذلك الحديث بتسمية من حدث به لأعلى جهة التحديث به عنه.
قلت: والسبب فيه أنه أراد أن لا يسوقه مساق الأصل.
والصيغة الثانية وهي صيغة التمريض لا تستفاد منها الصحة إلا من علق عنه لكن فيه ما هو صحيح وفيه ما ليس بصحيح على ما سنبينه فأما ما هو صحيح فلم نجد فيه ما هو على شرطه إلا مواضع يسيره جدًّا ووجدناه لا يستعمل ذلك إلا حيث يورد ذلك الحديث المعلق بالمعنى كقوله في الطب ويذكر عن بن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرقي بفاتحة الكتاب فإنه أسنده في موضع آخر من طريق عبيد الله بن الأخنس عن بن أبي مليكة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن نفرا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مروا بحي فيهم لديغ فذكر الحديث في رقيتهم للرجل بفاتحة الكتاب وفيه